وكقوله تعالى:{وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ}[الكهف/ ٩٩] فإن المستعار منه حركة الماء على الوجه المخصوص، والمستعار له حركة الجن والإنس، أو يأجوج ومأجوج، وهما حسيان، والجامع ما يشاهد من شدة الحركة والاضطراب وهو حسي أيضًا.
وأما استعارة محسوس لمحسوس بوجه عقلي، فكقوله تعالى:{وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ}[يس/ ٣٧] فالمستعار منه معنى السلخ، وهو كشط الجلد وإزالته عن الشاة ونحوها، والمستعار له إزالة الضوء عن مكان الليل، وهو موضع إلغاء ظله، وهما حسيان، والجامع لهما ما يعقل من ترتب أمر على آخر، أي حصوله عقب حصوله دائمًا أو غالبًا، كترتب ظهور اللحم على كشط الجلد، وكترتب ظهور الظلمة على كشف الضوء عن مكان الليل، والترتب أمر عقلي. وهذا الذي ذكرناه هو وجه هذه الاستعارة على التحقيق بدليل قوله تعالى:{فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ}[يس/ ٣٧].
وأما استعارة محسوس لمحسوس بما بعضه حسي وبعضه عقلي، فكقولك:"رأيت شمسًا" وأنت تريد إنسانًا شبيهًا بالشمس في حسن الطلعة ونباهة الشأن، فالجامع حسن الطلعة ونباهة الشأن معًا. وحسن الطلعة حسي، ونباهة الشأن عقلي.
وأما استعارة معقولٍ لمعقولٍ بوجه عقليٍّ، فكقوله تعالى:{مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا}[يس/ ٥٢] فالمستعار منه الرقاد، والمستعار له الموت، والجامع عدم ظهور الفعل، والجميع عقليٌّ. أما الموت وعدم الظهور فأمرهما واضح، وأما النوم فالمراد انتفاء الإحساس