التحسر والتحزن على مفارقة المحبوب اللازم ذلك بالإخبار بها؛ لأن الإخبار بوقوع شيءٍ مكروهٍ يلزمه إظهار التحسر والتحزن، فالعلاقة اللازمية، فقد صدق على ذلك المركب أنه نقل لغير ما وضع له لعلاقة غير المشابهة، فلا يكون حقيقةً، ولا استعارةً تمثيليةً، فتعين أن يكون مجازًا مرسلًا مركبًا، وهذا مما أهمل القوم التعرض له، ولم يظهر لإهماله وجه.
وأجاب عن ذلك بعض المحققين بأنه من قبيل الكناية، فهو مستعمل فيما وضع له لينتقل إلى لازمه، وحينئذٍ لم يصدق عليه حد المجاز، فلذا تركوا التعرض له.
ثم إذا حققت تقسيمات الاستعارة إلى أنواعها المختلفة، وحققت أنها لابد لها من قرينة؛ لأنها مجاز علاقته المشابهة، والمجاز لابد له من قرينة صارفة عن قصد المعنى الأصلي، فاعلم أن قرينة الاستعارة إما معنًى واحدٌ، كقولك:"رأيت أسدًا يرمي"، وإما أكثر من معنًى واحدٍ، كقول بعض العرب:
فإن تعافوا العدل والإيمانا ... فإن في أيماننا نيرانا
أي: سيوفًا تلمع كشعل النيران. فاستعار النيران للسيوف بجامع البريق واللمعان، وقرينة هذه الاستعارة تعلق قوله:"تعافوا" بكلٍّ من العدل والإيمان، لدلالته على أن جواب هذا الشرط: تحاربون وتلجأون إلى الطاعة بالسيوف.
وإما معانٍ مربوطٌ بعضها بعض بحيث يكون المجموع قرينة، لا