وإذا كان نقل اسم المشبه به إلى المشبه تبعًا لنقل معناه إليه، بمعنى أنه أثبت له معنى الأسد الحقيقي ادعاءً، ثم أطلق عليه اسم الأسد، كان الأسد مستعملًا فيما وضع له، فلا يكون مجازًا لغويًّا، بل عقليًّا، بمعنى أن العقل جعل الرجل الشجاع من جنس الأسد، وجَعْلُ ما ليس في الواقع واقعًا مجازٌ عقليٌّ، ولهذا صح التعجب في قول ابن العميد:
قامت تظللني من الشمس ... نفس أعز علي من نفسي
قامت تظللني ومن عجب ... شمس تظللني من الشمس
استعار "الشمس" لغلام حسن الوجه، والجامع الحسن والبهاء، ولولا أنه ادعى لذلك الغلام معنى الشمس الحقيقي، وجعله شمسًا على الحقيقة، لما كان لهذا التعجب معنى، إذ لا تعجب في أن يظلِّلَ إنسان حسن الوجه إنسانًا آخر، وإنما العجب في تظليل الشمس إياه، لأنها سبب لنفي الظل وإذهابه، لا لثبوته.
ولِما ذكرنا صح النهي عن التعجب أيضًا في قول الشريف أبي الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم طباطبا:
لا تعجبوا مِنْ بِلَى غلالته ... قد زرَّ أزراره على القمر
فلولا أنه جعله قمرًا حقيقيًّا لما كان للنهي عن التعجب معنى؛ لأن الكتان إنما يسرع إليه البلى بسبب ملابسة القمر الحقيقي، لا ملابسة إنسان كالقمر في الحسن. والبِلَى بالكسر والقصر من بَلِيَ الثوب يبلى