للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لولا ذلك المحذوف لكان غير صادق، لأنه صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم كان قد سلم من اثنتين، وهو لا يكذب صلوات اللَّه وسلامه عليه.

ومثال ما تتوقف صحته عليه عقلًا قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا} [يوسف/ ٨٢] أي: أهل القرية، إذ القرية -وهي الأبنية المجتمعة- لا يصح سؤالها عقلًا جريًا على العادة، فدل بالاقتضاء على محذوفٍ من جهة توقف الكلام عليه عقلًا.

ومثال ما تتوقف صحته عليه شرعًا الأمر بالصلاة، فإنه يتضمن الأمر بالطهارة لها لتوقفها عليها شرعًا، فاللفظ المتوقف صدقه أو صحته منطوق صريح، والمضمر الذي لابد للصدق أو الصحة منه منطوقٌ غير صريح، وهو من ضرورة المنطوق الصريح، وهذا بناءً على أحد القولين المتقدمين.

وسميت هذه الدلالة دلالة اقتضاء لأن المعنى يقتضيها لا اللفظ.

وأما دلالة الإيماء والتنبيه فلا تكون إلا في العلل، فهي أبدًا دلالة على كون الوصف علة الحكم، ولذلك كان الإيماء هو المسلك الثالث من مسالك العلة.

وهي -أي: دلالة الإيماء والتنبيه- أن يقرن الوصف بحكم لو لم يكن الوصف علة لذلك الحكم عابه الفطن بمقاصد الكلام؛ لأنه لا يليق بالفصاحة، وكلام الشارع لا يكون فيه ما يخل بالفصاحة، ومثاله حديث الأعرابي الذي جاء يضرب صدره وينتف شعره ويقول: "هلكت

<<  <   >  >>