ومن أدلة ترجيح الإفراد أن الأمة أجمعت على جوازه من غير كراهة، وكره عمر وعثمان وغيرهما التمتع، وبعضهم التمتع والقران، وإن كانوا يجوزونه على ما سبق بيانه، فكان ما أجمعوا على أنه لا كراهة فيه أفضل.
وقد قال البيهقي رحمه اللَّه: فثبت بالسنة الثابتة عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم جواز التمتع والإفراد والقران، وثبت بمضي النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم في حج مفرد، ثم باختلاف الصدر الأولى في كراهة التمتع والقران دون الإفراد كون إفراد الحج عن العمرة أفضل. واللَّه تعالى أعلم.
والمالكية والشافعية ومن وافقهم في أفضلية الإفراد مقرون بأن النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم أمر من لم يكن معه هدي من أصحابه أن يفسخ حجه إلى عمرة ويتحلل منها، ثم يهل بحج من مكة. وقد قال هو صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم:"لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي ولجعلتها عمرة"، كما ثبت في الصحيح ثبوتًا لا مطعن فيه ولا شبهة، إلا أنهم يقولون: إن هذا خاص بأصحاب النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم لعلةٍ موجودةٍ في ذلك الوقت، وقد زالت، وهي أن الكفار كانوا يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، فأمر النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم أصحابه بفسخ الحج إلى عمرة ليظهر بذلك بطلان ما يعتقدونه من أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور.
واستدلوا لخصوص هذا الفسخ بأصحاب النبي صلى اللَّه عليه