تمتع النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم بالعمرة إلى الحج، وتمتع الناس معه بمثل الذي أخبرني سالم بن عبد اللَّه بن عمر عن أبيه عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم. فقال الزهري: فقلت لسالم: فلم ينهى عن التمتع وقد فعل ذلك رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم وفعله الناس معه؟ قال سالم: أخبرني ابن عمر: أن الأتم للعمرة آن تفردوها من أشهر الحج، الحج أشهر معلومات: شوال وذو القعدة وذو الحجة، فأخلصوا فيهن الحج، واعتمروا فيما سواهن من الشهور. قال: وإن اعتمر بذلك لزمه إتمام العمرة؛ لقول اللَّه تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}.
وذلك أن العمرة إنما يتمتع بها إلى الحج، والتمتع لا يتم إلا بالهدي أو الصيام إذا لم يجد هديًا، والعمرة في غير أشهر الحج تتم بلا هدي ولا صيام، فأراد عمر بترك التمتع إتمام العمرة، كما أمر اللَّه تعالى بإتمامها، وأراد أيضًا أن تكرر زيارة الكعبة في كل سنة مرتين، فكره التمتع لئلا يقتصروا على زيارته مرة، فتردد الأئمة في التمتع حتى ظن الناس أن الأئمة يرون ذلك حرامًا. قال: ولعمري لم ير الأئمة ذلك حرامًا، ولكنهم اتبعوا ما أمر اللَّه به عمر رضي اللَّه عنه إحسانًا للخير.
وبإسناده الصحيح عن سالم قال: سئل ابن عمر عن متعة الحج فأمر بها. فقيل: إنك تخالف أباك؟ فقال: إن أبي لم يقل الذي تقولون، إنما قال: أفردوا الحج من العمرة، أي أن العمرة لا تتم في أشهر الحج [إلَّا بهدي، وأرأد أن يزار البيت شهور الحج]، فجعلتموها أنتم حرامًا، وعاقبتم الناس عليها، وقد أحلها اللَّه عز وجل