للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإجماع كلها دالُّ على العمل بخبر الآحاد.

أما الكتاب: فقد قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات/ ٦]، فإنه يدل على أن الجائي بنبأ إذا كان غير فاسق -بأن كان عدلًا- لا يلزم التبين على قراءة {فَتَبَيَّنُوا} ولا التثبت على قراءة (فتثبتوا). فهو دليل على قبول خبر الواحد العدل.

وأما السنة: فلا خلاف بين العلماء أن النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم كان يرسل الرسل دعاة يعلمون الناس الخير ولم يبلغوا عدد التواتر، فلو كان التواتر شرطًا في القبول لما أرسل صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم الرسول الواحد والاثنين في مهمات الدين.

وأما الإجماع: فقد أجمعت الأمة على قبول الشهادة في الحقوق، وهي خبر آحاد، وأجمعت على قبول الفتوى، وهي خبر آحاد، وعلى قبول قول الطبيب في الأشربة والأغذية، وهي خبر آحاد، والجمهور على قبوله في غير ذلك.

وأما الجهة التي هو غير قطعي منها فهي كون الخبر المذكور صدقًا في ذات نفسه، لأنك لو سئلت عن أعدل الرواة: هل يجوز في حقه الكذب؟ لقلت: نعم؛ لأنه غير معصوم. وادعاء تيقن صدقه مع تجويز كذبه أشبه شيء بالمكابرة.

وهذا التحقيق يفهمه الذكي من الكتاب والسنة؛ لأنهما دالَّان على أن الحكم يكون حقًّا مقطوعًا بحقيته في ظاهر الأمر، وباطنه مخالف لذلك الظاهر مخالفةً قطعيةً أو محتملة، فمثال مخالفة الباطن للظاهر

<<  <   >  >>