للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنده ليلة واحدة.

وبادرنا السفر من صبيحتها متوجهين إلى قرية تسمى "جص"، فركبنا في قطار الحديد إليها، فبتنا دونها ليلةً واحدةً، وجئناها من الغد، فوجدناها كما قال الشاعر:

ولكن الفتى العربي فيها ... غريب الوجه واليد واللسان

فلم يفهموا كلامنا، ولم نفهم كلامهم، وبتنا فيها ليلة واحدةً، ثم وجدنا واحدًا يفهم من العربية قليلًا، فحَصَل بيننا المفاهمة مع صاحب سيارة ذاهبة إلى بلد يسمى "يروى مادفرى" فدفعنا لصاحبها أجرتها وركبنا فيها، فلما سارت بنا تسعة وستين ميلًا وقع فيها خللٌ مانع من الحركة، فمكثنا يومين وليلة في محلٍ واحدٍ موحشٍ كثير البعوض والندى في خلاء من الأرض، ثم أصلح فسادها حتى لم يبق بيننا وبين "يروى" إلا مائة ميل وسبعة أميال عاودها فسادها الأول، فمرت بنا سيارة ذاهبة إلى "يروى" فدفعنا الأجرة لصاحبها، وركبنا فيها فأدخلتنا بلد "يروى" في تلك الليلة، فنزلنا عند تاجر اسمه عبد المحمود، فأصلح لي خللًا كان في جواز رفيقي عند الحكومة، فشكرت له، وتذكرت قول الشاعر:

وإذا امرؤ أسدى إليك صنيعة ... من جاهه فكأنها من ماله

ومكثنا في "يروى" ليلتين، ثم سافرنا منها آخر النهار متوجهين إلى بلد اسمه "فورلمى"، فركبنا الأجرة في سيارة، فلما مشت بنا خمسة أميال فسدت فسادًا مانعًا من التحرك, فبتنا في ذلك المكان وأرسل اللَّه

<<  <   >  >>