ثم استدل على أن المراد بهذه الآيات الأصول التي هي توحيد اللَّه جل وعلا في عبادته وربوبيته وأسمائه وصفاته دون الفروع بقوله تعالى:{لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}[المائدة/ ٤٨]، وقوله:{لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ}[الحج/ ٦٧]، وقوله صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم:"نحن معاشر الأنبياء أولاد علَّات ديننا واحد" يعني أن المقصود عبادة اللَّه وحده لا شريك له بشرائع متنوعة لرسله عليهم الصلاة والسلام، كما يدل عليه قوله جل وعلا:{لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}[المائدة/ ٤٨].
قال مقيد هذه الرحلة عفا اللَّه عنه: الذي يظهر من هذا الخلاف أن شرع من قبلنا الثابت بشرعنا يكون شرعًا لنا من حيث وروده في شرعنا، لا من حيث كونه كان شرعًا لمن قبلنا؛ لأن اللَّه تعالى أنزل علينا هذا الكتاب العزيز لنعمل بكل ما دل عليه من الأحكام، سواء علينا كان شرعًا لمن قبلنا، أم لا، واللَّه تعالى ما قص علينا أخبار الماضين إلا لنعتبر بها، فنتجنب الموجب الذي هلك بسببه الهالكون منهم، ونغتنم الموجب الذي نجا بسببه الناجون منهم، وقد قال تعالى:{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}[يوسف/ ١١١].