ولا يخفى أن سجود التلاوة فرعٌ، فجَعْلُ ابن عباس في هذا الحديث المرفوعِ الاقتداءَ في قوله:{فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} يتناول سجود التلاوة = يدل على عدم التخصيص بالأصول التي هي التوحيد.
ويؤيد هذا ذمه تعالى المعرض عما في التوراة من رجم الزاني المحصن في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٣)} [آل عمران/ ٢٣]؛ لأن المراد بكتاب اللَّه "التوراة"، وذمه المعرض عما فيه يقتضي الثناء على من عمل بما فيه مما ثبت بهذا الشرع الطاهر؛ لأنها نزلت في يهودية ويهودي زنيا بعد الإحصان، فرجمهما النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم، وأنكر اليهود الرجم، فذمهم اللَّه تعالى على إعراضهم عما في التوراة بقوله: {ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٣)}.
ولم يزل علماء هذه الأمة يستدلون على الأحكام بما ورد في القصص الماضية، فقد استدل المالكية وغيرهم على إقامة القرينة الظاهرة مقام البينة ما لم تعارضها قرينة أقوى منها بقوله تعالى في قصة يوسف: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٢٦) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٧) فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (٢٨)} [يوسف/ ٢٦ - ٢٨]؛ فجعل شاهدُ يوسف شق القميص من دبر قرينةً قائمةً مقام البينة على صدقه وكذبها؛ لأنه يدل على إدباره عنها، وإقبالها عليه تمسك بما يلي الدبر من قميصه، وذِكْرُ اللَّه قصته من غير