للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن يأتي الأمور على اضطرار ... فليس كمثل آتيها اختيارًا

وتحرير المقام في المسألة أن شرع من قبلنا له ثلاث حالات:

في حالة منها يكون شرعًا لنا بلا خلاف.

وفي حالة يكون غير شرع لنا بلا خلاف.

وفي حالة يختلف فيه.

أما الحالة التي يكون فيها شرعًا لنا بلا خلاف، فهي فيما جاءنا أنه كان شرعًا لمن قبلنا، ثم بُيِّنَ لنا في شرعنا أنه شرع لنا، كالقصاص، فإنه بُيِّنَ لنا أنه كان شرعًا لبني إسرائيل في قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة/ ٤٥] الآية، وبُيِّنَ لنا أنه شرع لنا في قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة/ ١٧٨] الآية.

وأما الحالة التي يكون فيها غير شرع لنا بلا خلاف، فهي فيما جاءنا أنه كان شرعًا لمن قبلنا وبُيِّنَ لنا أنه ليس بشرعٍ لنا وقد كان شرعًا لمن قبلنا، ككون بعض المذنبين لا توبة له إلا بتقديم نفسه للقتل، كما في قوله تعالى: {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [البقرة/ ٥٤]؛ لقوله تعالى: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف/ ١٥٧]، وقوله تعالى: {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} [البقرة/ ٢٨٦]؛ لأن اللَّه أخبر عنه نبيه صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم أنه قال: "قد فعلت" كما ثبت في صحيح مسلم.

وما عرف بالإسرائيليات أنه كان شرعًا لهم، ولم يثبت بشرعنا، فليس شرعًا لنا قولًا واحدًا؛ لأنه صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم نهى

<<  <   >  >>