للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: ولو كان الأمر كما زعموا أن ما قبل الزوال وقت نهي غير قابل للرمي لبينه النبي بيانًا واضحًا بنص قطعي الرواية والدلالة وارد مورد التكليف العام؛ إذ لا يجوز في الشرع تأخير بيان مثل هذا عن وقت حاجته، كما نهى النبي عن الصلاة في أوقات معلومة (١).

يقال: أولًا عجبًا لهذا الرجل: كيف يكون عدم النهي عن فعل العبادة المقيدة بوقتها المأمور بها فيه دليلًا على جواز فعل تلك العبادة قبل وقتها، وهل هذا إلا شرع دين لم يأذن به الله؟! أما يدر هذا الرجل أن العبادات مبناها على الأمر؟! أيخفى عليه حديث عائشة مرفوعًا: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد» (٢).

فإنه يشمل بعمومه إحداث عبادة لم تعلم من الشرع.

ويشمل بعمومه أيضًا فعل عبادة مأمور بها لكن فعلها الفاعل في غير وقتها


(١) وبهذه الحيلة التي استطاع ابن محمود من خلالها أن يغر المتعالمين الذين رخصوا في الرمي قبل الزوال، يقال لهم: بإمكانكم كما وسعتم على الحجاج زمن الرمي، أن توسعوا عليهم مكانه، فليس على من أراد ذلك إلا أن يأخذ كلامهم هذا ويغير فيه بعض العبارات حتى يخرج على المساكين بتوسعة ما خطرت على قلب بشر! فلو قال مغرور متعالم: لو كان الأمر كما زعموا: أن رمي الجمار لا يجوز إلا في هذا الموضع، لبينه النبي بياناً واضحاً، بنص قطعي الرواية والدلالة وارد مورد التكليف العام، إذ لا يجوز في الشرع تأخير بيان مثل هذا عن وقت الحاجة، كما نهى النبي عن الصلاة في أماكن معلومة. وبهذه الحيلة الخبيثة نُغيّر شريعة ربنا ونحرف دينه ونبدله، ونشابه أهل الكتاب من قبلنا، والعياذ بالله.
(٢) أخرجه مسلم.

<<  <   >  >>