للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشرع لأمته أن يدعوا أحداً من الأموات لا الأنبياء ولا الصالحين، ولا غيرهم، لا بلفظ الاستغاثة ولا بغيرها، كما أنه لم يشرع لأمته السجود لميت ولا إلى ميت (١) ونحو ذلك، بل نعلم أنه نهى عن كل هذه الأمور، وأن ذلك من الشرك الذي حرمه الله تعالى ورسوله لكن لغلبة الجهل، وقلة العلم بآثار الرسالة في كثير من المتأخرين لم يمكن تكفيرهم بذلك حتى يبين لهم ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا ما بينت هذه المسألة قط لمن يعرف أصل الإسلام إلاَّ تفطن لها، وقال: هذا أصل دين الإسلام. وكان بعض أكابر الشيوخ من أصحابنا يقول: هذه (٢) أعظم ما بيَّنت لنا. لعلمه أن هذا أصل دين الإسلام، وكان هذا وأمثاله في ناحية أخرى يدعون الأموات، ويسألونهم ويستجيرون بهم، ويتضرَّعون إليهم، وربما كان ما يفعلونه أعظم لأنهم إنما يقصدون الميت في ضرورة نزلت بهم فيدعون دعاء المضطرين، راجين قضاء [١٢١] حاجاتهم بدعائه أو الدعاء عند قبره بخلاف عبادتهم لله تعالى، فإنهم يفعلونها في كثير من الأوقات على وجه العادة والتكلُّف، حتى إن العدو الخارج عن شريعة الإسلام لما قدم دمشق خرجوا يستغيثون بالموتى عند القبور التي يرجون عندها كشف الضر، وقال بعض الشعراء:

يا خائفين من التتر ... لُوذُوا بقبر أبي عمر

أو قال:

عُوذُوا بقبر أبي عمر ... ينجيكمو من الضرر


(١) " ولا إلى ميت " ساقطة من (ق) و (م) .
(٢) في (المطبوعة) : " هذا ".

<<  <  ج: ص:  >  >>