للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقلت لهم: إن هؤلاء الذين تستغيثون بهم، لو كانوا معكم في القتال لانهزموا كما انهزَم من انهزم من المسلمين يوم أحد، ولهذا كان أهل المعرفة بالدين والمكاشفة لم يقاتلوا في تلك المرة، لعدم القتال الشرعي الذي أمر الله تعالى به ورسوله، فلما كان بعد ذلك جعلنا نأمر الناس بإخلاص الدين والاستغاثة (١) بالله، وأنهم لا يستغيثون (إلاَّ إيَّاه، لا يستغيثون) (٢) بملك مقرَب ولا بنبي مرسل، (فلما أصلح الناس أمورهم، وصدقوا في الاستغاثة بربهم) (٣) نصرهم على عدوهم نصراً عزيزاً لم يتقدَّم نظيره) . انتهى كلامه.

وقول صاحب البردة أبلغ مما أنكره شيخ الإسلام، فإن صريحه دعاء مضطر محتاج، ذي فاقة وفقر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه ليس له ملجأ وملاذ ومفزع عند حلول (٤) الحادث العام العظيم سوى رسول صلى الله عليه وسلم، وإذا حرَّم مجرد سؤاله ما لا يقدر عليه إلاَّ الله، وسؤاله بعد مماته ما دون ذلك من الأسباب العادية، فكيف بهذا الدعاء الذي هو من أبلغ الأدعية في إظهار الفقر والفاقة، واستعطاف المسؤول بتوحيده وإفراده لهذا المطلوب العظيم، والخطب الجسيم؛ وإذا كان الدعاء حُزم لتضمنه التسوية بين الله وبين غيره في القصد والرجاء، والذل والمحبة، فكيف بما دلَّ على ما هو أبلغ من ذلك مما ذكر (٥) في البُرْدة والهمزية ونحوها (٦) وفي حديث


(١) في (ق) و (م) : " والاستعانة ".
(٢) " إلا إياه، ولا يستغيثون " ساقطة من (ق) و (م) .
(٣) ما بين القوسين ساقط من (ق) .
(٤) في (ح) : " علول".
(٥) في (ق) و (المطبوعة) : " ذكره ".
(٦) في (ق) و (م) : " ونحوهما ".

<<  <  ج: ص:  >  >>