للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ - أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ} [النور: ٣٩ - ٤٠] (١) (الآية [النور / ٣٩ , ٤٠] .

وقد دلَّت الآية على تشبيه أعمال الكفار وما هم عليه بالسراب الذي يراه الظمآن بالقيعان، فيظنه ماءً ووردًا، فيقصده وهو في الحقيقة لا شيء، أو كحال من تراكمت عليه الظلمات بعضها فوق بعض) (٢) ظلمة (٣) الأمواج المتراكمة في البحر العميق، وظلمة السحاب الحائل بينه وبين النور، ظلمات بعضها فوق بعض، فأهل المثل الأول أشد كفرًا وأقبح حالًا وأبعد هداية وبصيرة، فلا مانع والحالة هذه من أن يدعو أحدهم إلى دينه وطريقته ويتوهمها حقًّا، وهي في نفس الأمر أضل الضلال وأبطل الباطل؛ وقد قام فرعون خطيبًا في قومه فقال: {ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ} [غافر: ٢٦] [غافر / ٢٦] .

ومما يدل على جهل المعترض، وسوء قصده، وفساد إرادته، تناقض كلامه، فإذا احتج شيخنا رحمه الله بآية قال: (هذه نزلت في كذا وهي خاصة به) كما تقدَّم لك في كلامه؟ فقصر التنزيل على (٤) أهل تلك الأسباب


(١) في (ق) زيادة: (ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ) ، وفي (م) ساق الآية إلى قوله تعالى: (فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ) .
(٢) ما بين القوسين ساقط كله من (ق) .
(٣) في (ق) : " ظلمات".
(٤) في (ق) و (م) : "في".

<<  <  ج: ص:  >  >>