للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإنما عليهم أن يطلبوا حقهم عنده على مروان وسواه، فما ثبت كان هو منفذه وآخذه والممكن لمن يأخذه بالحق. ومع سابقته وفضيلته ومكانته لم يثبت عليه ما يوجب خلعه فضلا عن قتله.

[قول علي إن الخارجين على عثمان حساد طلاب دنيا]

وأمثل ما روي في قصته أنه - بالقضاء السابق - تألب عليه قوم لأحقاد اعتقدوها: ممن طلب أمرا فلم يصل إليه، وحسد حسادة أظهر داءها، وحمله على ذلك قلة دين وضعف يقين، وإيثار العاجلة على الآجلة (١) . وإذا نظرت إليهم دلك صريح ذكرهم على دناءة قلوبهم وبطلان أمرهم (٢) .


(١) بمثل هذه الأوصاف وصفهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في الخطبة التي خطبها على الغرائر في معسكره بالكوفة عندما كان الصحابي الفارس المجاهد القعقاع بن عمرو التميمي يسعى بإتمام المهمة التي جاءت عائشة وطلحة والزبير لإتمامها، فروى الطبري (٥: ١٩٤) أن عليا ذكر إنعام الله على الأمة بالجماعة بالخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم الذي يليه، ثم الذي يليه. وقال على مسمع من قتلة عثمان: " ثم حدث هذا الحادث الذي جره على الأمة أقوام طلبوا هذه الدنيا، حسدوا من أفاء الله عليه على الفضيلة، وأرادوا رد الأشياء على أدبارها " ثم ذكر أنه راحل غدا إلى البصرة ليجتمع بأم المؤمنين وأخويه طلحة والزبير وقال: " ألا ولا يرتحلن غدا أحد أعان على عثمان - رضي الله عنه - بشيء في شيء من أمور الناس، وليغن السفهاء عني أنفسهم ".
(٢) أجملنا في هامش ص ٥٨ أوصاف البارزين ممن خرج على عثمان. أول من اكتشف سريرتهم، ونظر إلى وجوههم بنور الله فتشاءم منهم، رجل الإسلام المحدث أمير المؤمنين عمر بن الخطاب صاحب الفراسة التي لا تخطئ. روى الطبري (٤: ٨٦) أن عمر لما استعرض الجيوش للجهاد سنة ١٤ مرت أمامه قبائل السكون اليمنية مع أول كندة يتقدمهم حصين بن نمير السكوني ومعاوية بن حديج أحد الصحابة الذين فتحوا مصر ثم كان أحد ولاتها، فاعترضهم عمر، فإذا فيهم فتية دلم سباط، فأعرض عنهم ثم أعرض ثم أعرض، حتى قيل له: ما لك ولهؤلاء؟ فقال: إني عنهم لمتردد، وما مر بي قوم من العرب أكره إلي منهم. فكان منهم سودان بن حمران وخالد بن ملجم وكلاهما من البغاة على عثمان.

<<  <   >  >>