وقال له عمر وغيره: إذا منعك العرب الزكاة فاصبر عليهم. فقال:" والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه. والله لأقاتلن من فرق بين الزكاة والصلاة "(١) .
(١) لما مضى جيش إسامة في طريقه إلى شرق الأردن جعلت وفود القبائل تقدم المدينة، يقرون بالصلاة ويمتنعون عن أداء الزكاة. قال ابن كثير (٦: ٣١١) : ومنهم من احتج بقوله تعالى (التوبة: ١٠٣) : خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ. قالوا: فلسنا ندفع زكاتنا إلا إلى من صلاته سكن لنا. وقد تكلم الصحابة مع الصديق في أن يتركهم وما هم عليه من منع الزكاة ويتألفهم حتى يتمكن الإيمان في قلوبهم ثم هم بعد ذلك يزكون، فامتنع الصديق من ذلك وأباه. وقد روى الجماعة في كتبهم - سوى ابن ماجه - عن أبي هريرة أن عمر بن الخطاب قال لأبي بكر: علام تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها " فقال أبو بكر: والله لو منعوني عناقا (وفي رواية: عقالا) كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأقاتلنهم على منعها. إن الزكاة حق المال، والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة. قال عمر: فما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق. وهذا الحديث في مسند أحمد (١: ١١، ١٩، ٣٥- ٣٦ الطبعة الأولى - ج ١ رقم ٦٧ و١١٧ و٢٣٩ الطبعة الثانية) من حديث عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة. وفي البداية والنهاية (٦: ٣١٢) قال القاسم بن محمد (ابن أبي بكر الصديق، وهو أحد الفقهاء السبعة) : اجتمعت أسد وغطفان وطيئ على طليحة الأسدي، وبعثوا وفودا إلى المدينة فنزلوا على وجوه الناس، فأنزلوهم إلا العباس، فحملوهم إلى أبي بكر على أن يقيموا الصلاة ولا يؤتوا الزكاة، فعزم الله لأبي بكر على الحق وقال " لو منعوني عقالا لجاهدتهم ".