للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إمامهم ولا ترض إمامًا عنهم.

[موقف عثمان من أمر الدفاع عنه أو الاستسلام للأقدار]

وقد روى عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: كنت مع عثمان في الدار فقال: أعزم على كل من رأى أن عليه سمعًا وطاعة إلا كف يده وسلاحه (١) . ثم قال: قم يا ابن عمر - وعلى ابن عمر سيفه متقلدًا - فأخبر به الناس (٢) .


(١) الذي يدل عليه مجموع الأخبار عن موقف عثمان من أمر الدفاع عنه أو الاستسلام للأقدار، هو أنه كان يكره الفتنة، ويتقي الله في دماء المسلمين. إلا أنه صار في آخر الأمر يود لو كانت لديه قوة راجحة يهابها البغاة، فيرتدعون عن بغيهم، بلا حاجة إلى استعمال السلاح للوصول إلى هذه النتيجة. وقبل أن تبلغ الأمور مبلغها عرض عليه معاوية أن يرسل إليه قوة من جند الشام تكون رهن إشارته، فأبى أن يضيق على أهل دار الهجرة بجند يساكنهم (الطبري ٥: ١٠١) . وكان لا يظن أن الجرأة تبلغ بفريق من إخوانه المسلمين إلى أن يتكالبوا على دم أول مهاجر إلى الله في سبيل دينه. فلما تذاءب عليه البغاة واعتقد أن الدفاع عنه تسفك فيه الدماء جزافًا، عزم على كل من له عليهم سمع وطاعة أن يكفوا أيديهم وأسلحتهم عن مزالق العنف. والأخبار بذلك مستفيضة في مصدر أوليائه وشانئيه. على أنه لو ظهرت في الميدان قوة منظمة ذات هيبة تقف في وجوه البغاة، وتضع حدًا لغطرستهم، لارتاح عثمان لذلك وسر به، مع ما هو مطمئن إليه من أنه لن يموت إلا شهيدًا.
(٢) في البداية والنهاية (٧: ١٨٢) عن (مغازي ابن عقبة) أن ابن عمر لم يلبس سلاحه إلا يوم الدار في خلافة عثمان، ويوم أراد نجدة الحروري أن يدخل المدينة مع الخوارج أيام عبد الله بن الزبير.

<<  <   >  >>