للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الذي وعد به رسول الله صلى الله عليه وسلم مادحًا له، راضيًا عنه راجيًا هدنة الحال فيه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» (١) .

[إمامة المفضول مع وجود من هو أفضل منه]

وقد تكلم العلماء في إمامة المفضول مع وجود من هو أفضل منه، فليست المسألة في الحد الذي يجعلها فيه العامة، وقد بيناها في موضعها (٢) .

فإن قيل: قتل حجر بن عدي - وهو من الصحابة مشهور بالخير - صبرًا أسيرًا، يقول زياد: وبعثت إليه عائشة في أمره فوجدته قد فات بقتله، قلنا: علمنا قتل حجر كلنا، واختلفنا: فقائل يقول قتله ظلمًا، وقائل


(١) تقدم الكلام على هذا الحديث في ص ٢٠٠.
(٢) أي من مؤلفاته الأخرى. وهذه المسألة من مسائل الفقه الإسلامي الممحصة، المبنية أحكامها على النصوص والسنن والأسس الشرعية التي قام الدين على مثلها في باب جلب المصالح ودرء المفاسد وتقدير الضرورات بأقدارها. والقاضي أبو الحسن الماوردي في الأحكام السلطانية (ص ٥) لم يذكر مخالفا في جواز إمامة المفضول إلا الجاحظ، وماذا يضر أئمة الدين إذا خالفهم، وهل العباسيون الذين عرف الجاحظ بالتقرب إليهم في حياتهم كانوا أفضل معاصريهم؟ أما جمهور الفقهاء والمتكلمين فقالوا تجوز إمامة المفضول وصحت بيعته، ولا يكون وجود الأفضل مانعا من إمامة المفضول إذا لم يكن مقصرا عن شروط الإمامة، كما يجوز - في ولاية القضاء - تقليد المفضول مع وجود الأفضل لأن زيادة الفضل مبالغة في الاختيار وليست معتبرة في شروط الاستحقاق، ونحيل القارئ على كتاب " الإمامة والمفاضلة " لأبي محمد بن حزم المدرج في الجزء الرابع من كتاب " الفِصَل " ولا سيما الفصل المعقود لإمامة المفضول (ص ١٦٣ - ١٦٧ من طبعة مصر سنة ١٣٢٠) .

<<  <   >  >>