للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[عاصمة]

[موقف عثمان من عبد الله بن مسعود وعمار]

عاصمة هذا كله باطل سندا ومتنا، أما قولهم " جاء عثمان بمظالم ومناكير " فباطل (١) . ١ - ٢ - وأما ضربه لابن مسعود ومنعه عطاءه فزور (٢) وضربه


(١) كما ترى من الأدلة التي سيوردها المؤلف في نقض هذه التهم واحدة بعد واحدة حتى يأتي على آخرها.
(٢) تقدم في هامش ص ٥٤ قول عبد الله بن مسعود لما بويع عثمان: (بايعنا خيرنا ولم نأل) ويروى (ولينا أعلانا ذا فوق ولم نأل) وعند ولاية عثمان كان ابن مسعود واليا لعمر على أموال الكوفة، وسعد بن أبي وقاص واليا على صلاتها وحربها، فاختلف سعد وابن مسعود على قرض استقرضه سعد - كما سيأتي - فعزل عثمان سعدا وأبقى ابن مسعود. وإلى هنا لا يوجد بين ابن مسعود وخليفته إلا الصفو. فلما عزم عثمان على تعميم مصحف واحد في العالم الإسلامي يجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنه هو المصحف الكامل الموافق لآخر عرضة عرض بها كتاب الله - عز وجل - على رسوله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته، كان ابن مسعود يود لو أن كتابة المصحف نيطت به، وكان يود أيضا لو يبقى مصحفه الذي كان يكتبه لنفسه فيما مضى. فجاء عمل عثمان على خلاف ما كان يوده ابن مسعود في الحالتين: أما في اختيار عثمان زيد بن ثابت لكتابة المصحف الموحد فلأن أبا بكر وعمر اختاراه قبل ذلك لهذا العمل في خلافة أبي بكر، بل إن أبا بكر وعمر اختارا زيد بن ثابت في البداية لأنه هو الذي حفظ العرضة الأخيرة لكتاب الله على الرسول صلوات الله عليه قبيل وفاته، فكان عثمان على حق في هذا، وهو يعلم - كما يعلم سائر الصحابة - مكانة ابن مسعود وعلمه وصدق إيمانه. ثم إن عثمان كان على حق أيضا في غسل المصاحف الأخرى كلها ومنها مصحف ابن مسعود، لأن توحيد كتابة المصحف على أكمل ما كان في استطاعة البشر هو من أعظم أعمال عثمان بإجماع الصحابة، وكان جمهور الصحابة في كل ذلك مع عثمان على ابن مسعود (انظر منهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية ٣: ١٩١ - ١٩٢) . وعلى كل حال فإن عثمان لم يضرب ابن مسعود ولم يمنعه عطاءه، وبقي يعرف له قدره كما بقي ابن مسعود على طاعته لإمامه الذي بايع له وهو يعتقد أنه خير المسلمين وقت البيعة.

<<  <   >  >>