للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتألبوا وألبوا، وثاروا إلي، فاستسلمت لأمر الله، وأمرت كل من حولي ألا يدفعوا عن داري، وخرجت على السطوح بنفسي فعاثوا علي، وأمسيت سليب الدار، ولولا ما سبق من حسن المقدار لكنت قتيل الدار (١) .

[اقتداء المؤلف بعثمان في مثل موقفه]

وكان الذي حملني على ذلك ثلاثة أمور: أحدها وصاية النبي صلى الله عليه وسلم المتقدمة (٢) والثاني الاقتداء بعثمان، الثالث سوء الأحدوثة التي فر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤيد بالوحي (٣) . فإن من غاب عني، بل من حضر من الحسدة معي، خفت أن يقول: إن الناس مشوا إليه مستغيثين به فأراق دماءهم.

وأمر عثمان كله سنة ماضية، وسيرة راضية. فإنه تحقق أنه مقتول بخبر الصادق له بذلك، وأنه بشره بالجنة على بلوى تصيبه، وأنه شهيد (٤) .

وروي أنه قال له في المنام: إن شئت نصرتك، أو تفطر عندنا الليلة (٥) .


(١) أشرنا إلى ظروف هذا الحادث في ترجمة المؤلف أول هذا الكتاب (ص ٢٦) .
(٢) وقد نقلناها آنفًا من حديث أبي هريرة في صحيح البخاري، ومن حديث أبي موسى في الكوفة قبل وقعة الجمل.
(٣) وذلك لما قال ابن سلول في غزوة بني المصطلق ((إذا رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل)) ، فأراد عمر أن يقتله فمنعه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: ((لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه)) .
(٤) تقدم بيان ذلك في ص ٥٥ و ٥٦.
(٥) هذه الرواية لابن أبي الدنيا من حديث عبد الله بن سلام في البداية والنهاية (٧: ١٨٢ - ١٨٣) ، ومن طريق آخر عنه في أنساب الأشراف للبلاذري (٥: ٨٢) وفي مسند أحمد (١: ٧٢ الطبعة الأولى، رقم ٥٢٦ الثانية) من حديث مسلم أبي سعيد مولى عثمان قال: إن عثمان أعتق عشرين مملوكًا، ودعا بسراويل فشدها عليه ولم يلبسها في جاهلية ولا إسلام، وقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم البارحة في المنام ورأيت أبا بكر وعمر، إنهم قالوا لي: ((اصبر، فإنك تفطر عندنا القابلة)) . ثم دعا بمصحف فنشره بين يديه، فقتل وهو بين يديه. وروى الإمام أحمد هذا الحديث عن نائلة زوجة عثمان (١: ٧٣ رقم ٥٣٦) بقريب من هذا. وفي البداية والنهاية (٧: ١٨٢) من حديث أيوب السختياني عن نافع عن عبد الله بن عمر بن الخطاب، ومن طرق أخرى متعددة. وانظر تاريخ الطبري (٥: ١٢٥) .

<<  <   >  >>