للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما قدمنا من تلك الأحاديث (١) .

[إصابة عمر في جعل الإمامة شورى ودقة ابن عوف في تخير عثمان]

لقد اقتحموا عظيمًا، ولقد افتروا كبيرًا. وما جعلها عمر شورى إلا اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وبأبي بكر، إذ قال: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني، وإن لم أستخلف فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستخلف (٢) " فما رد هذه الكلمات أحد. وقال: " أجعلها شورى في النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض (٣) . وقد رضي الله عن أكثر منهم، ولكنهم كانوا خيار الرضا، وشهد لهم بالأهلية للخلافة.

وأما قولهم تحيل ابن عوف حتى ردها لعثمان، فلئن كانت حيلة ولم يكن سواها فلأن الحول ليس إليه (٤) . وإذا كان عمل العباد حيلة أو كان القضاء بالحول، فالحول والقوة لله. وقد علم كل أحد أنه


(١) في ص ١٨٧ - ١٩٠.
(٢) في كتاب الإمارة من صحيح مسلم (ك ٣٣ ح ١١ و١٢ - ج ٦ ص ٤ - ٥) من حديث عروة بن الزبير عن ابن عمر، ومن حديث سالم عن ابن عمر. وفي مسند أحمد (١: ٤٣ رقم ٢٩٩) عن عروة عن ابن عمر، و (١: ٤٦ رقم ٣٢٢) عن حميد بن عبد الرحمن عن ابن عباس، و (١: ٤٧ رقم ٣٣٢) عن الزهري عن سالم عن ابن عمر.
(٣) من حديث عمرو بن ميمون المطول في كتاب فضائل الصحابة من صحيح البخاري (ك ٦٢ ب ٨ ج ٤ ص ٢٠٤ - ٢٠٧) ، وانظر كتابنا هذا ص ٥٢ - ٥٣.
(٤) بل إلى الله. وإن الله هو الموفق لابن عوف وسائر إخوانه الصحابة حتى كانوا في ذلك الموقف على ما أراده الله لهم من صفاء النية وإخلاص القصد والعمل لله وحده. فكان من اختيار خليفة عمر في حادث الشورى مثلا أعلى للنفس الإنسانية عندما تكون في أعلى مراتب النبل، والتجرد عن جميع خواطر الهوى.

<<  <   >  >>