للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهرب عبد الله بن عامر عامل عثمان على البصرة إلى مكة، ويعلى بن أمية عامل عثمان على اليمن.

فاجتمعوا بمكة كلهم، ومعهم مروان بن الحكم. واجتمعت بنو أمية، وحرضوا على دم عثمان، وأعطى يعلى لطلحة والزبير وعائشة أربعمائة ألف درهم، وأعطى لعائشة ((عسكرًا)) جملًا اشتراه باليمن بمائتي دينار. فأرادوا الشام، فصدهم ابن عامر وقال: لا ميعاد لكم بمعاوية، ولي بالبصرة صنائع، ولكن إليها.

[خرافة الحوأب وشهادة الزور]

فجاءوا إلى ماء الحوأب (١) ونبحت كلابه، فسألت عائشة فقيل لها: هذا ماء الحوأب. فردت خطامها عنه، وذلك لما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «أيتكن صاحبة الجمل الأدبب (٢) التي تنبحها كلاب الحوأب؟» فشهد طلحة والزبير أنه ليس هذا ماء الحوأب، وخمسون رجلًا إليهما (٣) وكانت أول شهادة زور دارت في الإسلام (٤) .


(١) الحوأب من مياه العرب على طريق البصرة. قاله أبو الفتوح نصر بن عبد الرحمن الإسكندري فيما نقله عنه ياقوت في معجم البلدان. وقال أبو عبيد البكري في معجم ما استعجم: ماء قريب من البصرة، على طريق مكة إليها. سمي بالحوأب بنت كلب بن وبرة القضاعية.
(٢) الأدبب: الأدب (أظهر الإدغام لأجل السجعة) ، والأدب: كثير وبر الوجه. قاله ابن الأثير في النهاية.
(٣) لم يشهدوا، ولم تقل عائشة، ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم. وسنبين ذلك في موضعه من (العاصمة) ص ١٦١ - ١٦٢.
(٤) شهادة الزور تصدر عن رعاع لا يخافون الله كأبي زينب وأبي المورع كما تقدم في ص ٩٦ - ٩٧، وتصدر عمن يزعم لنفسه أنه قادر على خلق شخصية لم يخلقها الله كالذي اخترع اسم ثابت مولى أم سلمة كما تقدم في ص ٩١، وأما طلحة والزبير - المشهور لهما بالجنة من نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى - فكانا أسمى أخلاقًا وأكرم على أنفسهما وعلى الله من أن يشهدا الزور. وهذه الفرية عليهما من مبغضي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليست أول فرية لهم في الإسلام، ولا آخر ما يفترونه من الكذب عليه وعلى أهله.

<<  <   >  >>