للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اليمنى: " هذه يد عثمان " فضرب بها على يده فقال: " هذه لعثمان ". ثم قال له ابن عمر: اذهب بها الآن معك (١) .

[مؤاخذتهم عثمان بأنه لم يقتل عبيد الله بن عمر بن الخطاب بالهرمزان]

١٧ - وأما امتناعه عن قتل عبيد الله بن عمر بن الخطاب بالهرمزان، فإن ذلك باطل (٢) . فإن كان لم يفعل فالصحابة متوافرون، والأمر في


(١) لو أن أمير المؤمنين عثمان كان من حواري المسيح عليه السلام، وكانت له من سيدنا عيسى ابن مريم مثل هذه المنقبة التي كرمه الله بها من نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم، لعبدته النصارى لأجلها. فالعجب لأمة يكون فيها جهلة يعيبون على عثمان - في زمانه - غيبته عن بيعة الرضوان، ويكون فيهم من يستشعر الشجاعة في نفسه عند الإقدام على سفك دم هذا الخليفة الرحيم لأمور هذا منها، ثم يحمل مثل هذا الجهل في دماغه رجل جاء يعبد الله بأداء فريضة الحج فيواجه به جماعة الصحابة من قريش ورئيسهم عبد الله بن عمر. ثم تمس الحاجة إلى التعرض لبيان هذه الحقائق في عصر القاضي أبي بكر بن العربي، ثم يشعر أمثالنا في عصرنا بأن عثمان لا يزال من بعض أمته في موقف يحتاج فيه إلى إنصافه ودفع قالة السوء عنه. حقا إننا أمة مسكينة. . . ولأمر ما بلغ بنا الحال بين الأمم إلى ما كنا فيه، وإلى ما لا نزال غارقين فيه " إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ".
(٢) بشهادة ابنه القماذبان. روى الطبري (٥: ٤٣ - ٤٤ مصر و١: ٢٨٠١ طبعة أوروبا) عن سيف بن عمر بسنده إلى أبي منصور قال: سمعت القماذبان يحدث عن قتل أبيه. . . قال: " فلما ولي عثمان دعاني فأمكنني منه " (أي من عبيد الله بن عمر بن الخطاب) ثم قال: " يا بني هذا قاتل أبيك، وأنت أولى به منا، فاذهب، فاقتله ". فخرجت به وما في الأرض أحد إلا معي، إلا أنهم يطلبون إلي فيه. فقلت لهم: ألي قتله؟ قالوا: نعم. وسبوا عبيد الله. فقلت: أفلكم أن تمنعوه؟ قالوا: لا. وسبوه. فتركته لله ولهم. فاحتملوني. فوالله ما بلغت المنزل إلا على رءوس الرجال وأكفهم ". هذا كلام ابن الهرمزان وإن كل منصف يعتقد (ولعل ابن الهرمزان أيضا كان يعتقد) أن دم أمير المؤمنين عمر في عنق الهرمزان، وأن أبا لؤلؤة لم يكن إلا آلة في يد هذا السياسي الفارسي. وإن موقف عثمان وإخوانه أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم من هذا الحادث لا نظير له في تاريخ العدالة الإنسانية.

<<  <   >  >>