وبالإجمال، فإن الرحمة التي جبل عليها عثمان وامتلأ بها قلبه أطمعت الكثير فيه، وأرادوا أن يتخذوا من رحمته مطية لأهوائهم. ولعلي إذا اتسع لي الوقت أتفرغ لدراسة نفسيات هؤلاء الخوارج على عثمان، وتنظيم المعلومات الصحيحة التي بقيت لنا عنهم، ليكون من ذلك درس عبرة لطلاب التاريخ الإسلامي. (٢) وقد وعظهم وزجرهم أهل العافية والحكمة والرضا من أعيان أمصارهم وعلمائها في الكوفة والبصرة والفسطاط، ثم وعظهم وزجرهم معاوية في مجالس له معهم عندما سيرهم عثمان إلى الشام كما سيجيء عند كلام المؤلف على سطوهم على المدينة - بحجة الحج - فحولوا حجهم الكاذب إلى البغي على خليفتهم وسفك دمه الحرام في الشهر الحرام بجوار قبر المصطفى عليه الصلاة والسلام.