للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألفًا بلديين أو أكثر من ذلك، ولكنه ألقى بيده إلى المصيبة (١) .

[الحكم الفقهي في موقف عثمان من الدفاع عنه أو الاستسلام]

وقد اختلف العلماء فيمن نزل به مثلها: هل يلقي بيده، أو يستنصر (٢) ؟ وأجاز بعضهم أن يستسلم ويلقي بيده اقتداء بفعل عثمان وبتوصية النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في الفتنة (٣) .

قال القاضي أبو بكر (رحمه الله) : ولقد حكمت بين الناس فألزمتهم الصلاة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى لم يك يرى في الأرض منكر، واشتد الخطب على أهل الغصب، وعظم على الفسقة الكرب،


(١) لأنه اختار بذلك أهون الشرين فآثر التضحية بنفسه على توسيع دائرة الفتنة وسفك دماء المسلمين، وعثمان افتدى دماء أمته بدمه مختارًا فما أحسن الكثيرون منا جزاءه، وإن أوربا وأمريكا تعبدان بشرًا بزعم الفداء ولم يكن فيه مختارًا.
(٢) من سياسة الإسلام أن يختار المرء في كل حالة أقلها شرًا وأخفها ضررًا، فإذا كانت للخير قوة غالبة تقمع الشر وتضيق دائرته فالإسلام يهدي إلى قمع الشر بقوة الخير بلا تردد. وإن لم يكن للخير قوة غالبة تقمع الشر وتضيق دائرته - كما كانت الحال في موقف أمير المؤمنين عثمان من البغاة عليه - فمصلحة الإسلام في مثل ما جنح إليه عثمان أعلى الله مقامه في دار الخلود.
(٣) وهو قوله صلى الله عليه وسلم على ما رواه الإمام البخاري في كتاب المناقب (ك ٦١ ب ٢٥ - ج ٤ ص ١٧٧) وفي كتاب الفتن (ك ٩٢ ب ٩ - ج ٨ ص ٩٢) من صحيحه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي. ومن يشرف لها تستشرفه، ومن وجد ملجأ أو معاذًا فليعذ به)) . وأعلن أبو موسى الأشعري في الكوفة قبل وقعة الجمل أنه سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم (الطبري ٥: ١٨٨) .

<<  <   >  >>