وهبك أن عليًّا وطلحة والزبير تضافروا على قتل عثمان، فباقي الصحابة من المهاجرين والأنصار ومن اعتد فيهم وضوى إليهم ماذا صنعوا بالقعود عن نصرته؟
ولا يخلو أن يكون لأنهم رأوا أولئك طلبوا حقًا وفعلوا حقًا، فهذه شهادة قائمة على عثمان فلا كلام لأهل الشام. وإن كانوا قعدوا عنه استهزاء بالدين، وأنهم لم يكن لهم رأي في الحال، ولا مبالاة عندهم بالإسلام ولا فيما يجري فيه من اختلال، فهي ردة ليست معصية. لأن التهاون بحدود الدين وإسلام حرمات الشريعة للتضييع كفر، وإن كانوا قعدوا لأنهم لم يروا أو يتعدوا حد عثمان وإشارته فأي ذنب لهم فيه؟ وأي حجة لمروان - وعبد الله بن الزبير والحسن والحسين وابن عمر وأعيان العشرة معه في داره يدخلون إليه ويخرجون عنه في الشكة والسلاح - والطالبون ينظرون؟ ولو كان لهم بهم قوة أو أووا إلى ركن شديد لما مكنوا أحدًا أن يراه منهم ولا يداخله، وإنما كانوا نظارة، فلو قام في وجوههم الحسن والحسين وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير ما جسروا، ولو قتلوهم ما بقي على الأرض منهم حي.
ولكن عثمان سلم نفسه، فترك ورأيه. وهي مسألة اجتهاد كما قدمنا (١) .