(٢) يشير المؤلف إلى حادثة عمير بن ضابئ وكميل النخعي، وقد تقدم خبرهما في (ص ١٢٩ - ١٣٠) . (٣) في صحيح مسلم (ك ١٢ ج ١٥٠ - ج ٣ ص ١١٣) من حديث أبي سعيد الخدري: ((تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين يقتلها أولى الطائفتين بالحق)) . (٤) أهل السنة المحمدية يدينون لله على أن عليًّا ومعاوية، ومن معها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا جميعًا من أهل الحق، وكانوا مخلصين في ذلك. والذي اختلفوا فيه إنما اختلفوا عن اجتهاد، كما يختلف المجتهدون في كل ما يختلفون فيه. وهم - لإخلاصهم في اجتهادهم - مثابون عليه في حالتي الإصابة والخطأ، وثواب المصيب أضعاف ثواب المخطئ، وليس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر معصوم عن أن يخطئ وقد يخطئ بعضهم في أمور ويصيب في أخرى، وكذلك الآخرون. أما من مرق عن الحق في إثارة الفتنة الأولى على عثمان فلا يعد من إحدى الطائفتين اللتين على الحق وإن قاتل معها والتحق بها، لأن الذين تلوثت أيديهم ونياتهم وقلوبهم بالبغي الظالم على أمير المؤمنين عثمان - كائنًا من كانوا - استحقوا إقامة الحد الشرعي عليهم سواء استطاع ولي الأمر أن يقيم عليهم هذا الحد أو لم يستطع. وفي حالة عدم استطاعته فإن مواصلتهم تسعير القتال بين صالحي المسلمين كلما أحسوا منهم بالعزم على الإصلاح والتآخي - كما فعلوا في وقعة الجمل وبعدها - يعد إصرارًا منهم على الاستمرار في الإجرام ما داموا على ذلك، فإذا قلنا إن الطائفتين كانتا من أهل الحق فإنما نريد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين كانوا في الطائفتين ومن سار معهم على سنته صلى الله عليه وسلم من التابعين، ونرى أن عليًّا المبشر بالجنة أعلى مقامًا عند الله من معاوية خال المؤمنين وصاحب رسول رب العالمين، وكلاهما من أهل الخير. وإذا اندس فيهم طوائف من أهل الشر فإن من يعمل مثقال ذرة خيرًا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره. نقل الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (٧: ٢٧٧) عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الشعباني قاضي إفريقية المتوفى سنة ٥٦ كان رجلًا صالحًا من الآمرين بالمعروف - وذكر أهل صفين - فقال: ((كانوا عربًا يعرف بعضهم بعضًا في الجاهلية، فالتقوا في الإسلام معهم على الحمية وسنة الإسلام، فتصابروا، واستحيوا من الفرار، وكانوا إذا تحاجزوا دخل هؤلاء في عسكر هؤلاء وهؤلاء في عسكر هؤلاء، فيستخرجون قتلاهم فيدفنونهم)) ، قال الشعبي: ((هم أهل الجنة، لقي بعضهم بعضًا، فلم يفر أحد من أحد)) .