للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بقوله بعده {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: ١٠]

وقال صلى الله عليه وسلم في عمار: «تقتله الفئة الباغية» (١) .

وقال في الحسن: «ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» ، فحسن له خلعه نفسه وإصلاحه (٢) .


(١) قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لما كانوا يبنون المسجد، فكان الناس ينقلون لبنة لبنة وعمار ينقل لبنتين لبنتين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم فيه هذه الكلمة على ما رواه أبو سعيد الخدري لعكرمة مولى ابن عباس ولعلي بن عبد الله بن عباس. والخبر في كتاب الجهاد والسير من صحيح البخاري (ك ٥٦ ب ١٧ - ج ٣ ص ٢٠٧) . وقد كان معاوية يعرف من نفسه أنه لم يكن منه البغي في حرب صفين، لأنه لم يردها، ولم يبتدئها، ولم يأت لها إلا بعد أن خرج علي من الكوفة وضرب معسكره في النخيلة ليسير إلى الشام كما تقدم في ص ١٦٢ - ١٦٣، ولذلك لما قتل عمار قال معاوية ((إنما قتله من أخرجه)) وفي اعتقادي الشخصي أن كل من قتل من المسلمين بأيدي المسلمين منذ قتل عثمان فإنما إثمه على قتلة عثمان لأنهم فتحوا باب الفتنة. ولأنهم واصلوا تسعير نارها، لأنهم الذين أوغروا صدور المسلمين بعضهم على بعض، فكما كانوا قتلة عثمان فإنهم كانوا القاتلين لكل من قتل بعده، ومنهم عمار ومن هم أفضل من عمار كطلحة والزبير، إلى أن انتهت فتتهم، بقتلهم عليًّا نفسه وقد كانوا من جنده وفي الطائفة التي كان قائمًا عليها. فالحديث من أعلام النبوة، والطائفتان المتقاتلتان في صفين كانتا من المؤمنين. وعلي أفضل من معاوية. وعلي ومعاوية من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن دعائم دولة الإسلام، وكل ما وقع من الفتن فإثمه على مؤرثي نارها لأنهم السبب الأول فيها، فهم الفئة الباغية التي قتل بسببها كل مقتول في وقعتي الجمل وصفين وما تفرع عنهما.
(٢) سيأتي الكلام على هذا عند الكلام على الصلح بين الحسن ومعاوية.

<<  <   >  >>