للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الدارقطني - وذكر سند عدلًا (١) ربعي عن أبي موسى أن عمرو بن العاص قال: ((والله لئن كان أبو بكر وعمر تركا هذا المال وهو يحل لهما منه شيء لقد غبنا ونقص رأيهما. وايم الله ما كانا مغبونين ولا ناقصي الرأي. ولئن كانا امرأين يحرم عليهما هذا المال الذي أصبناه بعدهما لقد هلكنا. وايم الله ما جاء الوهم إلا من قبلنا (٢)) ) .

فهذا كان بدء الحديث ومنتهاه. فأعرضوا عن الغاوين، وازجروا العاوين وعرجوا عن سبيل الناكثين، إلى سنن المهتدين. وأمسكوا الألسنة عن السابقين إلى الدين.

وإياكم أن تكونوا يوم القيامة من الهالكين بخصومة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد هلك من كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خصمه. ودعوا ما مضى فقد قضى الله ما قضى. وخذوا لأنفسكم الجد فيما يلزمكم اعتقادًا وعملًا. ولا تسترسلوا بألسنتكم فيما لا يعينكم مع كل ناعق اتخذ الدين هملًا، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا. ورحم الله الربيع بن خثيم (٣) فإنه لما قيل له: قتل الحسين! قال: أقتلوه؟ قالوا: نعم. فقال: {قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [الزمر: ٤٦] (الزمر: ٤٦) .


(١) قال حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم ودعلج بن أحمد قالا: حدثنا محمد بن أحمد بن النضر، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدة، عن عبد الله بن عمر، عن ربعي. . . إلخ وربعي هو ابن حراش العبسي أبو مريم الكوفي.
(٢) أورد المؤلف هذا الخبر للدلالة على ورع عمرو ومحاسبته لنفسه وتذكيرها بسيرة السلف.
(٣) هو من تلاميذ عبد الله بن مسعود وأبي أيوب الأنصاري وعمرو بن ميمون، وأخذ عنه الإمام الشعبي وإبراهيم النخعي وأبو بردة. قال له ابن مسعود: لو رآك النبي صلى الله عليه وسلم لأحبك. توفي سنة ٦٤.

<<  <   >  >>