ثم رجي أن يوفق عمر للرجوع إلى الحق، فأبهم الحال، وجعلها شورى قصرًا للخلاف، للذي سمع النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم تحيل ابن عوف حتى ردها عنه إلى عثمان.
ثم قتل عثمان لتسوره على الخلافة وعلى أحكام الشريعة، وصار الأمر إلى علي بالحق الإلهي النبوي، فنازعه من عاقده، وخالف عليه من بايعه، ونقض عهده من شده.
وانتدب أهل الشام إلى الفسوق في الدين، بل الكفر (١) .
(١) كل هذه الفقرات من هذيان مرتكبي ((القاصمة)) وشيعتهم. وقد أجاب المؤلف في ((العاصمة)) التالية مدحضًا سخافاتهم، ولكن اتسع عليه ميدان القول ففاقه الكلام عن موقف أهل الشام من هذه الفتن التي وقعت في الإسلام. وقد رأيت في ص ١٢١ قول ابن الكواء أحد زعماء الفتنة وهو يصف أشباهه في الأمصار الكبرى: ((وأما أهل الأحداث من أهل الشام فأطوع الناس لمرشدهم، وأعصاهم لمغويهم)) . وإذا كان أهل الأحداث في الشام هكذا على ما شهد به زعيم من زعماء الفتنة، فإن أهل العافية والإيمان منهم قد شهد لهم أمير المؤمنين علي فيما نقله ابن كثير في البداية والنهاية (٨: ٢٠) عن عبد الرزاق بن همام الصنعاني أحد الأئمة الأعلام الحفاظ، عن شيخه معمر بن راشد البصري وهو أيضًا من الأعلام، عن الزهري مدون السنة وشيخ الأئمة، أن عبد الله بن صفوان الجمحي قال: قال رجل من صفين ((اللهم العن أهل الشام)) فقال له علي: ((لا تسب أهل الشام)) فإن بها الأبدال، فإنها بها الأبدال، فإن بها الأبدال)) وروي هذا الحديث من وجه آخر مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وروى أبو إدريس الخولاني وهو من أعلام حملة السنة والشريعة ومن شيوخ الحسن البصري وابن سيرين ومكحول وأضرابهم أن أبا الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((بينا أنا نائم رأيت الكتاب احتمل من تحت رأسي، فظننت أنه مذهوب به، فأتبعه بصري فعمد به إلى الشام. وإن الإيمان - حين تقع الفتنة - بالشام)) . وروى هذا الحديث من الصحابة - غير أبي الدرداء - أبو أمامة وعبد الله بن عمرو بن العاص. وللمقارنة بين أهل الشام والذين كانوا يحاربون ننقل عن ابن كثير (٧: ٣٢٥) خبر الأعمش بن عمرو بن مرة بن عبد الله بن الحارث عن زهير بن الأرقم قال: خطبنا علي يوم جمعة فقال، نبئت أن بسرًا قد طلع اليمن، وإني والله لأحسب أن هؤلاء القوم سيظهرون عليكم وما يظهرون عليكم إلا بعصيانكم إمامكم وطاعتهم إمامهم، وبخيانتكم وأمانتهم وإفسادكم في أرضكم وإصلاحهم. وقد بعثت فلانًا فخان وغدر وبعثت فلانًا فخان وغدر وبعث المال إلى معاوية. لو ائتمنت أحدكم على قدح لأخذ علاقته. اللهم سئمتهم وسئموني، وكرهتهم وكرهوني. اللهم فأرحهم مني وأرحني منهم. بهذا وصف علي جيشه وشيعته وبعكسه في الفضائل وصف أهل الشام الذين اضطروا إلى أن يقفوا من طائفته موقف المحارب. وليس بعد وصف علي لأهل الشام بالطاعة والأمانة والإصلاح، إلا الضرب بهذه القنبلة في وجوه واصفيهم بالكفر والفسوق في الدين.