وهو أحق من معاوية ومن كثير من غيره، وكان خروجه لمثل ما خرج إليه أبوه من دعاء الفئة الباغية إلى الانقياد للحق والدخول في الطاعة، فآلت الوساطة إلى أن تخلى عن الأمر صيانة لحقن دماء الأمة (١) وتصديقًا لقول
(١) حكاية الوساطة بين الحسن ومعاوية وصلحهما رواها الإمام البخاري في كتاب الصلح من صحيحه (ك ٥٣ ب ٩ ج ٣ ص ١٦٩) عن الإمام الحسن البصري قال: استقبل - والله - الحسن بن علي معاوية بكتائب أمثال الجبال. فقال عمرو بن العاص: إني لأرى كتائب لا تولي حتى تقتل أقرانها. فقال له معاوية - وكان والله خير الرجلين -: أي عمرو، إن قتل هؤلاء هؤلاء وهؤلاء هؤلاء من لي بأمور الناس، من لي بنسائهم، من لي بضيعتهم؟ فبعث إليه رجلين من قريش من بني عبد شمس - عبد الرحمن بن سمرة وعبد الله بن عامر بن كريز - فقال: اذهبا إلى هذا الرجل (أي الحسن بن علي) فاعرضا عليه (أي ما يشاء) ، وقولا له (أي ما يرضيه) ، واطلبا إليه (أي ما تريان فيه المصلحة، فأنتما مفوضان) . فأتياه، فدخلا عليه، فتكلما، وقالا له، وطلبا إليه. فقال لهما الحسن بن علي: إنا بنو عبد المطلب قد أصبنا من هذا المال، وإن هذه الأمة قد عاثت في دمائها (أي فيحتاج إرضاؤها في دمائها إلى مال كثير) قال: فإنه يعرض عليك كذا وكذا، ويطلب إليك، ويسألك. قال: فمن لي بهذا؟ قالا: نحن لك به. فما سألهما شيئا إلا قال: نحن لك به. فصالحه.