يتعلق به من حرمة الوطء ما يتعلق بالنكاح الصحيح. هكذا قال الكوفيون. ومالك في رواية ابن القاسم يساعدهم على المسألة ولا يساعدهم على دليلها من هذا الوجه، وقد بيناها في كتاب النكاح. وقال الشافعي: العذر في أمر النبي صلى الله عليه وسلم لسودة بالاحتجاب مع ثبوت نسبه من زمعة وصحة أخوته لها بدعوى عبد أن ذلك تعظيم لحرمة أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لأنهن لم يكن كأحد من النساء في شرفهن وفضلهن.
قلنا: لو كان أخاها بنسب ثابت صحيح كما قلتم، ويكون قول النبي صلى الله عليه وسلم:«الولد للفراش» تحقيقاً للنسب، لما منع النبي صلى الله عليه وسلم سودة منه، كما لم يمنع عائشة من الرجل الذي قالت: هو أخي من الرضاعة، وإنما قال:«انظرن من إخوانكن» .
وأما ما روي عن سعيد بن المسيب، فأخبر عن مذهبه في أن هذا الاستلحاق ليس بصحيح، وكذلك رأى غيره من الصحابة والتابعين. وقد صارت المسألة إلى الخلاف بين الأمة وفقهاء الأمصار، فخرجت من حد الانتقاد إلى حد الاعتقاد. وقد صرح مالك في كتاب الإسلام وهو (الموطأ) بنسبه فقال في دولة بني العباس " زياد بن أبي سفيان "، ولم يقل كما يقول المجادل " زياد بن أبيه " هذا على أنه لا يرى النسب يثبت بقول واحد. ولكن في ذلك فقه بديع لم يفطن له أحد، وهو أنها لما كانت مسألة خلاف، ونفذ الحكم فيها بأحد الوجهين، لم يكن لها رجوع، فإن حكم القاضي في مسائل الخلاف بأحد القولين يمضيها ويرفع الخلاف فيها. والله أعلم.
وأما روايتهم أن عمر قال " كرهت أن أحمل فضل عقلك على الناس " فهذه زيادة ليس لها أصل، من ناقص عقل، وأي عقل كان لزياد يزيد على