للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسياسة من الأصول، فخذوا في غير هذا، فليس هذا الباب مما تلوكه أشداق أهل الآداب.

وأما ما روي عن معاوية أنه استدعى شهوداً فشهد السلولي وسواه (١) فسل من ألحق ما روي عن السلولي، فإنه لم يكن قط. واسعد بإسقاط ما روي في القصة، سعيد أو سعد. وأما كلام أبي بكرة - أخيه لأمه - فيه فغير ضائر له، لأن ذلك رأي أبي بكرة واجتهاده. وأما قولهم فيها عن أبي بكرة أنه زنى أمه، فلو كان ذلك صحيحاً لم يضر أمه ما جرى في الجاهلية في الدين، فإن الله عفا عن أهل الجاهلية كلها بالإسلام. وأسقط الإثم والعار منه، فلا يذكره إلا جاهل به.

قال القاضي أبو بكر (رضي الله عنه) : والناس إذا لم يجدوا عيباً لأحد وغلبهم الحسد عليه وعداوتهم له أحدثوا له عيوباً. فاقبلوا الوصية، ولا تلتفتوا إلا إلى ما صح من الأخبار، واجتنبوا - كما ذكرت لكم - أهل التواريخ، فإنهم ذكروا عن السلف أخباراً صحيحة يسيرة ليتوسلوا بذلك إلى رواية الأباطيل، فيقذفوا - كما قدمنا - في قلوب الناس ما لا يرضاه الله تعالى، وليحتقروا السلف ويهونوا الدين، وهو أعز من ذلك، وهم أكرم


(١) السلولي مالك بن ربيعة أبو مريم، وكان ذلك سنة ٤٤، وكان معه في الشهادة زياد بن أسماء الحرمازي والمنذر بن الزبير - فيما ذكر المدائني بأسانيده - وجويرية بنت أبي سفيان والمسور بن قدامة الباهلي وابن أبي نصر الثقفي وزيد بن نفيل الأزدي وشعبة بن العلقم المازني ورجل من بني عمرو بن شيبان ورجل من بني المصطلق، شهدوا كلهم على أبي سفيان أن زيادا ابنه، إلا المنذر فشهد أنه سمع عليا يقول: أشهد أن أبا سفيان قال ذلك. فخطب معاوية فاستلحق زيادا، وتكلم زياد فقال: إن كان ما شهد به الشهود حقا فالحمد لله، وإن كان باطلا فقد جعلتهم بيني وبين الله.

<<  <   >  >>