وسلم. وأي حرج على المرء أن يولّي أخاه أو قريبه؟ (١) .
(١) وقد تقدم في هامش ص٨٧ أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب جعل الأمراء في مدة خلافته على أكثر أمصار حكمه من ذوي قرابته. وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولى رجال بني أمية وشبابهم. وكذلك فعل أبو بكر وعمر، فلم يفعل عثمان إلا الذي سبقه إليه النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه بل إن عثمان لما أقام الحد على أخيه لأمه فعل ما لا نظن أحدا يفعله بشهادة الشهود المغرضين الذين لم يريدوا الله بشهاداتهم. وإذا كان الشهود على الوليد من هذه الطبقة المغرضة، فقد شهد له بظهر الغيب قاض من أعظم قضاة الإسلام في التاريخ علما وفضلا وإنصافا وهو الإمام عامر بن شراحيل الشعبي، روى الطبري (٥: ٦٠) أن الشعبي سمع في أوائل بطولة مسلمة بن عبد الملك حفيدا للوليد بن عقبة يتحدث عن جهاد مسلمة، فقال الشعبي: " كيف لو أدركتم الوليد غزوه وإمارته؟ إن كان ليغزو فينتهي إلى كذا وكذا. . . ما قصر، ولا انتقض عليه أحد. حتى عزل عن عمله وعلى الباب (أي الدربند، وراء بحر الخزر في روسيا، وكان من أمنع معاقل الدنيا) عبد الرحمن الباهلي (وهو من أعظم قواد الوليد) وإن كان مما زاد عثمان الناس على يده (أي على يد الوليد) أن رد على كل مملوك بالكوفة من فضول الأموال ثلاثة في كل شهر يتسعون بها من غير أن ينقص مواليهم من أرزاقهم ". فهذه الشهادة من الإمام الشعبي للوليد في جهاده الحربي الظافر، وفي إحسانه لرعيته في معايشهم، تفقأ عيون المبطلين، وتقر أعين الصالحين، وصدق أمير المؤمنين عثمان يوم طيب قلب أخيه المظلوم بقوله: " نقيم الحدود، ويبوء شاهد الزور بالنار ". " رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ".