آوى المشركين، أو دلهم على عورات المسلمين، أو قتل مسلماً انتقضت ذمته، وقتل في الحال، وغُنم ماله في أصح القولين؛ لأن أهل الذمة قد شُرط عليهم الكف عن جميع ذلك، والله الموفق.
* * *
الباب الخامس عشر والمائة
يشتمل على تفاصيل وجُمل
اعلم وفقك الله أنه قد ذكرنا في هذا الكتاب من الحسبة على أرباب الصنائع المشهورة، من كشف غشوشهم وتدليسهم ما في كفاية كافية للمحتسب، وأصلاً يفسر ما عداه مما لم نذكره، وسأذكر في هذا الباب تفاصيل وجمل، وأذكر ما يلزم المحتسب فعله من أمور الحسبة في مصالح الرعية غير ما ذكرناه، فمن ذلك: السوط، والدرة، والطرطور.
فأما السوط، فيتخذه وسطاً، لا بالغليظ الشديد، ولا بالرقيق اللين، بل يكون بين سوطين، حتى لا يؤلم الجسد، ولا يخشى منه غائلة. وأما الدرة، فتكون من جلد البقر، أو الجمل، محشوة بنوى التمر. وأما الطرطور، فيكون من اللبد منقوشاً بالخرق الملونة، مكللاً بألوان الخرز، والودع، والأجراس، وأذناب الثعالب والنسانيس، وتكون هذه الآلة معلقة على دكة المحتسب يشاهدها الناس، فيرعب بها قلوب المعتدين، ويزجر بها أهل التدليس.
فإذا عثر بشارب خمر، جلده بالسوط أربعين جلدة، فإذا رأى المصلحة في جلده الثمانين جلده؛ لأن عمر، رضي الله عنه، جلد شارب الخمر ثمانين جلدة، فيجرد عن ثيابه، ثم يرفع عن يده بالسوط حتى يبين بياض أبطه، ويطرّف الضرب على كتفيه وإليتيه وفخذيه، فإذا كان زانياً، فيلكن جلده في ملأ من الناس، كما قال الله تعالى:{وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}[النور: ٢]، فإن كانت امرأة جلدها في إزارها وثيابها، وأما الزاني المحصن، فيجمع الناس خارج البلد، ويأمرهم برجمه، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كانت محصنة، حفر لها حفيرة في الأرض، وأمر الناس برجمها كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغامدية، وإن لاط بغلام ألقاه من أعلى شاهق في البلد، هذا