يختم على الكور، فإذا تشرب فتحه، وكذلك يصنع بصناع المثاقيل الزجاج، ويحملها عند فتحها إلى المحتسب يعيرها قبل بيعها؛ لأن فيها الزائد والناقص، فيتقي الله.
* * *
الباب الخامس والسبعون
في معلمي الصبيان ومعلمات البنات
ينبغي أن يعرف عليهم عريفاً ثقة له دين، يمنعهم من التعلم في المساجد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتنزيه المساجد من الصبيان والمجانين؛ لأنهم يسودون حيطانها، وينجسون أرضها، ويمشون على البول، وسائر النجاسات، بل يتخذون للتعليم حوانيت في أطراف الأسواق، أو على الشوارع، ولا يعلّمون في بيوتهم، ولا في دهاليزهم، وأول ما ينبغي للمؤدب أن يعلم الصبي السور القصار من القرآن، بعد حذقه بمعرفة الحروف، وضبطها بالشكل، ويدرجه بذلك، ثم يعرفه عقائد السنن، ثم أصول الحساب، وما يستحسن في المراسلات والأشعار، دون سخيفها، ومسترذلها.
وفي الرواح يأمرهم بتجويد الخط، ويكلفهم عرض ما أملاه عليهم حفظاً غائباً، ومن كان عمره سبع سنين أمره بالصلاة في الجماعة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"علموا أولادكم الصلاة لسبع، واضربوهم على تركها لعشر"، ويأمرهم ببر الوالدين والانقياد لأمرهما بالسمع والطاعة، والسلام عليهما، وتقبيل أياديهما عند الدخول عليهما، ويضربهم على إساءة الأدب، والفحش من الكلام، وغير ذلك من الأفعال الخارجية عن قانون الشريعة، مثل اللعب بالكعاب، والبيض، ونردشير، وجميع أنواع القمار.
ولا يضرب صغيراً بعصى غليظة تكسر العظم، ولا رقيقة تؤلم الجسم، بل تكون وسطاً، ويتخذ مجلداً عريض السير، ويعتمد بضربه على اللوايا، والأفخاذ، وأسافر الرجلين؛ لأن هذه المواضع لا يخشى عليها مرض، ولا غائلة. ولا ينبغي للمؤدب أن يستخدم أحداً من الصبيان في حوائجه وأشغاله التي فيها عار على آبائهم، كنقل الزبل، وحمل الحجارة، وغير ذلك من نقل الماء إلى بيته، وما أشبه ذلك، ولا يرسله إلى داره وهي خالية، ولا يرسل صبياً مع امرأة لكتب كتاب، ولا مع رجل لكتب قصة، ولا رسالة، فإن جماعة من الفساق يحتالون على الصبيان بذلك.