وإنهم أيضاً يجعلون من كل خمسة أرطال من البقر، رطلين من بياض البصل، ورطل دهن، ورطلين ماء، بعد دقها، فينبغي أن يعتبر عليهم ذلك بالشق عنها قبل أن تقلى، فإنه إذا قلاه نخسه في المقلى بالسفود ليفجره حتى يستر عيوبه ويسيل ما فيها من الغش، وكذلك غش السنبوسك يبين قبل قليله وبعد قليله، فإنه يغش بالباقلاء المقشر المنبت، وبيان البصل، فإذا فتحته رأيته عديم اللحم، وهو ما ذكرناه، فاعلم أنه مغشوش، وقد يعمل فيه من لحوم الأسماك المشوية والتوابل.
وإن طبخوا المعز، فعلامته في القدور سواده، وزهومته، ورقة سائر عظامه. ويمنعون من غش المضيرة بالدقيق لتعقد ويزيد في وزنها، وقد تعقد أيضاً بدقيق الأرز. ويتفقد عليهم كثرة الأدهان في قدورهم. ويغشوا أيضاً البهطة بالقلقاس، وقد يغشون به الهريسة أيضاً، وقد يغشون أيضاً الهرايس بالكروش المسلوقة المبشورة، ويسترون عيوبها بالشحوم. ويعتبر عليهم أيضاً العصبان، فإنهم يبيعونها الجزارون.
وينبغي أن يعتبر غسلهم بالشق، ويمنعوا أن تنقع في الماء قبل بيعها، ويؤمروا بنظافته، وحشوه بلحوم الخواصر، وقناقه بالنعنع، واليسير من السداب، ويحلفوا بالله العظيم أنهم إذا عملوا عصباناً من بطون المعز وباعوه، أن يعلموا الزبون بذلك، ويراعيه العريف أيضاً.
وقد وجدت في الرسالة التي تعرف بكيمياء الطبيخ، التي ألفها يعقوب بن إسحاق الكندي إلى المعتضد ألواناً تطبخ من غير لحم، وقلايا كبود من غير كبود، ومخ من غير مخ، ونقانق من غير لحم، وعجة من غير بيض، وجوذاب من غير جبن ولا أرز، وحلاوة من غير عسل ولا سكر، وألواناً كثيرة من غير عناصرها يطول شرحها، وليس يهتدي إلى دقة صناعتها، وخشيت من تدليس المتعيشين في الأسواق، فأمسكت عن صفتها خوفاً من التنبيه على عملها، رجاءً لثواب الله تعالى.
* * *
الباب الثاني عشر
في الحلوانيين وغشهم
ينبغي أن يعرف عليهم عريفاً ثقة؛ لأن غش هذه الصنعة كثير جداً، فمن ذلك أن العسل النحل إذا كان نافقاً غالياً، غشوه برب العنب، وهو يعرف إذا جعل على النار،