لأن منهم من يعمل لكل رطل حلاوة رطل نشأ، ومنهم من يعمل مع كل رطل نصف رطل نشأ، وهذا هو الخطأ، فمن فعل هذا استتيب أول مرة، فإن عاد أدب وشهر.
ولا يمكنهم العريف أن يطرحوا لكل رطل حلاوة سوى أوقيتين نشأ لا غير، وهذه الخبايص الرطبة الكثيرة النشأ إن خفيت في منظرها وذوقها، فإنها إذا باتت حمضت، والفانيد الخزائني إذا عمل من الأجاجير كان صافياً حسناً شديد الحسن، وكذلك كعب الغزال إذا عمل من القند عرف بسمته، فيباع كل واحد منهما بما يساوي، وأجود ما عمل في السوق ما كان من السميذ، وما كان في العسل القصب، والماء ورد بالفستق لا غش فيه.
* * *
الباب الثالث عشر
في هرايس التمر ومطبوخ العدس
ينبغي أن يعرف عليهم عريفاً ثقة عارفاً بمعيشتهم، ويأمره أن يتقدم إليهم ويلزمهم بغسل جرارهم، وقدورهم، كل يوم بالماء الحار والأشنان، ويعتبر عليهم شغلهم، فمنهم من يعمل في الهرايس من التمر شيئاً يسيراً، ويلقى عليه من النوى المجموع من على المزابل والطرقات شيئاً كثيراً، ويطرح فيه خشباً يعرف بالقلم ليصبغه ويزيد في حمرته، ويطرح فيه شيء من النطرون، أو الكمون الأبيض لينون عنه، وهو أسلم من النطرون وأنفع منه، فينبغي أن يمنعوا من هذا ويحلفوا عليه.
ثم يعتبر جرارهم بعد ذلك، فإذا رأى شيئاً مما ذكرناه بعد ذلك، كسر ورمي في أتونات الحمام، ويؤدبون ويشهرون، وكذلك باعة حشو العدس، يتقدم أيضاً لهم ويأمرهم بنظافة أوعيتهم، وتغطيتها، ونظافة مياهها، ونظافة العدس قبل طبخه، ويحلفوا أن لا يخلطوا فيه ماء الحمص المسلوق بعد طلوعه من التنور ليكثره؛ لأنهم يفعلون هذا في وقت تحريك السعر وقلة العدس.