النسوان، وكذلك الأمرد النكريش، متى حلق لحيته ونتفها، كان ذلك دليلاً على فساده.
* * *
الباب السابع عشر والمائة
في مجالس الحكام
ينبغي للمحتسب أن يتردد إلى مجالس القضاة والحكام، ويمنعهم من الجلوس في الجوامع والمساجد للحكم بين الناس، فربما دخل الرجل الجنب، والمرأة الحائض، والصبي، والحافي، ومن لا يتحرز من النجاسة، فيؤذون بذلك الحصر، وأيضاً ترتفع الأصوات، ويكثر اللغط عند المحاكمة والمنازعة، وكل ذلك قد ورد الشرع بالنهي عنه.
وقد وجدنا مكتوباً في كتاب أبي القاسم الصميري: إن المستظهر لله أمير المؤمنين، رحمة الله عليه، ولى رجلاً من أصحاب الشافعي، رضي الله عنه، الحسبة، فنزل إلى جامع المنصور، فوجد قاضي القضاة يحكم بين الناس فيه، فقال له: سلام عليك، قال الله تعالى:{الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ}[الحج: ٤١]، وقد مكن الله خليفته المستظهر لله في أرضه، وبسط يده بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد جعلني وإياك نائبين عنه في ذلك، قائمين في رعيته حدود الله، ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه، ونحن أولى بمن يعمل بحدود الله، ولزوم ما أمر الله به، واجتناب ما نهي عنه، ليقتدي بنا العامة، ونحن ملح البلد، نصلح ما فسد من الطعام، فإذا فسد الملح من يصلحه؟ ومجلسك هذا لا يصلح في الجامع، أما سمعت قول الله عز وجل:{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ... }، إلى قوله:{وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ}[النور: ٣٦، ٣٧]، وليس في هذا الموضع شيء من ذلك، وإنه لتدخل إليك المرأة لتحتكم مع بعلها، ومعها الطفل فيبول على الحصر، وإن الرجل ليمشي على النجاسة والقذر، ويدوس الحصر بنعله، وإن الأصوات لترتفع باللغط، وربما دخل إليك الرجل الجنب، والمرأة الحائض، وجميع ذلك أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم باجتنابه، فاجلس في وسط البلد، بحيث لا يشق على أحد دخوله عليك، والسلام. فنهض القاضي ولم يعد بعدها يجلس في الجامع للقضاء.