ويأمرهم أن لا يؤخروا أشوية الناس عنهم في أوقاتها، فما كان من الشوائين الذين يتعيشون يدفع إليهم شواءهم ضحوة نهار، وأكثر الناس الظهر، ولمن كان صائماً عند المغرب، وكذلك أرباب المآتم، ومن اختار التأخير إلى آخر النهار؛ وإن أخر عن الناس أطعمتهم في هذه الأوقات المحدودة، فقد أضر بهم، واستحق عند ذلك الأدب بعد الإعذار إليه. ويمنع الشوائين من بيع الجدابة التي يعملونها من الماء الذي يقطر من الخراف مع يسير من شحومها ودمائها؛ لأنه تدليس، فينهوا عن ذلك، فمن عاد أدب وأشهر.
ويفتقد الطين الذين يطينوا به التنور، وربما عجنوه في أرض دكاكينهم، فإن الجيف تؤذي رائحته، وربما يسقط عنه عند فتح التنور، فيأمرهم بعجنه في قصرية نظيفة، ويفتقد إزياهم لتكون مصونة نظيفة.
* * *
الباب الثامن
في الهرائسيين
ينبغي أن يعرف عليهم عريفاً ثقة من أهل صناعتهم، بصيراً بها، ويطالبهم بنظافة قدورهم وجميع آلاتهم بالغسل بكرة كل يوم بالأشنان، والماء الحار، وعيار الهرايس لكل قدح من القمح رطل واحد بالجروى من لحم البقر الطيب السمين، ومن لحوم الضأن لكل قدح ثماني أواق بالجروى. ويراعى العريف نظافة اللحم كل يوم بنفسه من الغدد، والعروق، والجلود، وينتفع في الماء والملح وقتاً طويلاً حتى يحمر الماء، ويلقى في القدور بحضرة العريف، ويختم عليها، فقد يضاف إلى الهرايس من الحيوان الذي ما له قيمة ويلقى في القدور، فإذا كان آخر الليل يشيل منها إلى دار من يُعينُه على فساد أطعمة الناس، فيجب أن لا يفرط في الختم، ولا يفتحها إلا العريف بعد وقوفه على صحة الختم، ويقطر من دهنها على بلاطة نقطاً، أو يغمس فيه ريشة، فإن كان فيه زيت أو شيرج، فإنه لا يجمد، وإن كان شحماً نقياً خالصاً عرف بجموده. ولا يمكنهم من العمل بلحوم البقر المعدة عندهم للمصلوقة، فربما عازهم اللحم الطري، فيكون ذلك عندهم، فلا يمكنون من ذلك، ولا من العمل باللحوم البائتة التي تغيرت رائحتها، ولا بلحوم