فيما يجب على المحتسب من شروط الحسبة ولزوم مستحباتها
اعلم وفقك الله لما كانت الحسبة أمراً بمعروف، ونهياً عن منكر، وإصلاحاً بين الناس، وجب أن يكون المحتسب فقيهاً، عارفاً بأحكام الشريعة؛ ليعلم ما يأمر به وينهى عنه، فإن الحسن ما حسنه الشرع، والقبيح ما قبحه الشرع، ولا مدخل للعقول في معرفة المعروف والمنكر إلا بكتاب الله عز وجل، وسُنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ورُب جاهل يستحسن بعقله ما قبحه الشرع، فيرتكب المحظور وهو غير عالم به، ولهذا المعنى كان طلب العلم فريضة على كل مسلم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
فأول ما يجب على المحتسب أن يعمل بما يعلم، ولا يكون قوله مخالفاً لفعله، فقد قال الله عز وجل في ذم علماء بني إسرائيل:{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ}[البقرة: ٤٤]، وروى أنس بن مالك، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رأيت ليلة