لأنه كذب، ومحال، وحرام، فلا يمكن مجالسهم ومقاعدهم إلا على الطريق والشوارع، بحيث أن لا ينفرد واحد منهم بحرمة في منزله، ولا في دهليزه، ولا يستخبر منه المحال، ولا يكذب على النساء، ولا على جهال الرجال بحديث سحر، ولا كهانة، ولا بكتاب قبول، ولا بغض، ولا يتحيل عليهم ببذل تراب، ولا بقدح ماء، ولا بالمداد على الإبهام، ولا يُحيل الأشخاص على الصبيان الذين لا تمييز لهم، وجميع أشباه ذلك، ومن فعل بالناس شيئاً من ذلك، هذر عليهم بهذه المعاني، فقد وجب عليه الأدب؛ لأن هذا كذب وتدليس.
* * *
الباب الثالث والثمانون
في من يكتب الرسائل على الطريق، والرقاع، والدروج
ينبغي أن يعرف عليهم عريفاً، ويأمره بأن يتقدم بأن يتقدم إليهم ويأمرهم بأن لا يكتبوا كتاباً في سب أحد، أو شتمه، أو قذفه، ولو وفرت له الأجرة، وعظمت له الغبطة، لا يفعل ذلك إلا ما يجري في مجرى المراسلات، والاستعطافات، والزيارات، وكذلك ما جرى مجرى السعايات، والإغراء، والنيميمات، إلى أولى الأمور، ويحلفون بالله العظيم أن لا يتجاوزوا ما جرت به العادة في المكاتبات من استعلام الأخبار، وذكر ما تجري عليه الأحداث، فمتى جرى الأمر هكذا، لم يكن على الكاتب طريق للذم، ولا عيب، ولا تعزير، ومن خالف أدب.
* * *
الباب الرابع والثمانون
في كتاب الشروط
ينبغي أن يعرف عليهم عريفاً من أهل العلم، والفضل، والنحو، والفقه، واللغة، والبيان، وينبغي لكاتب الشروط أن يكون مقرئاً، فقيهاً، عارفاً بأكثر الاختلاف على مذهب الأئمة، رضوان الله عليهم أجمعين، ويكون حاسباً، فمتى عدم فناً من هذه الفنون التي ذكرتها، كان عجزه بمقدار نقصه من ذلك العلم، ومتى كان في كل فنٍ من هذه