مثل الفانيد، ومتى تطاولت مدة الأشربة، فحمضت، أو غ لت، لم يكن لصاحبها أن يردها إلى الطبخ ثانياً، لفساد مزاجها وانحرافه.
ولا يذكي أحد منهم حلاوته بغير ماء الورد، ولا يجعل فيه مسكاً ولا كافوراً. وسبيل شراب البنفسج أن يكون مكرراً، فإنه سريع التغيير، وشراب الورد مثله أيضاً أن يكون مكرراً؛ لأنه اتقى وأنفع للمعدة. والسكنجبين البزوري والتادج يكونان بخل خمر، وإذا رأيت السكنجبين إلى السواد لوانه، فهو كما ذكرناه من عسل القصب، أو معمول من القند، وكذلك المعاجين إذا أذيبت في البراني، فينبغي أن يراعى ذلك، ولا يعمل شيء من سائر الأشربة والسويقات وغيرها إلا على النسج من كتاب سابور، أو غيره، بالعسل النحل، والمعاجين والأشربة من السكر الأبيض، وكذلك السفوفات، وكذلك الأقراص، يُعنى بتركيبها على ما نصه الفلاسفة.
وشراب العناب يقوي بكثرة العناب فيه؛ لأنه يراد لطفية الدم، ولا يعجن الورد بالمراسيق من السكر، وكذلك البنفسج المربى لا يعلق أيضاً بسكر، فإنه غش وتدليس، ويستحيل في المعدة أسفراً، ويجودون عقد جميع الأشربة، حتى يكون لها قوام، ولا يعجن التمر هندي، الذي قد عتق عندهم وجف بالخل، ولا يباع الحارسين المصري على أنه فارسي، ولا يلفونه في الخيش المبلولة ليزيد لهم في الوزن، ولا يغشون شيئاً من أدهان العراق بشيء من أدهان الشام، ولا بدهن الخل الشيرج، ويمنعون من عمل حشو الشعير في الأفراد؛ لأنهم يعيدون عليه ماءً ثانياً، وربما وردوه بيسير من المضرة، فيعتبر جميع ذلك، ويعتبر موزينهم وصنجهم في كل وقت، وتكون أواقيهم معيرة على الرطل البغدادي عشرة دراهم ونصف وثلث الأوقية.
* * *
الباب الأربعون
في العطر والعطارين
ينبغي أن يعرف عليهم عريفاً ثقة، فإن غشوش العطر أشياء كثيرة، مختلفة بحسب غشوشها، واختلاف أنواعها، فمن ذلك المسك، يعمل من اثنى عشر صنفاً مغشوشة