ينبغي أن يعرف عليهم عريفاً ثقة بصيراً بخيانتهم، يمنعهم أن تكون أكوار السبك معلقة مرتفعة، بل تكون في قصارى مبنية على وجه الأرض، حتى لا يخفى فيها ما يسبك عن صاحبه من ذهب، أو فضة، ويحلف أن لا يسرق من البوتقة بالماسك، ويسمى بسيك النار، وأن يدلس فيها نحاس ولا غيره من أنواع السرقة والخيانة، ويجعل كل صانع شيئاً قليلاً من جسم ما سبكه عند فراغه مما يريد صياغته عند صاحبه، فمتى وقع شك أو تهمة، رجعوا إلى ذلك اليسير الذي مع صاحب الصياغة، فيعتبر عليه ويزول الشك والتهمة.
وينبغي أن يكون بيد كل واحد من الصائغ والمصوغ له خط بشرح حال ما اتفقوا عليه، ووزنه؛ ليرجع إليه متى احتيج إليه، ولا يشترى أحد من الصيارفة، ولا الصاغة، علقاً مصغاً ويرده إلى النداء، ويزيد فيه ويلصقه على غيره بزيادة؛ لأن هذا تدليس وخيانة.
ويتقدم إلى سباكي الفضة، ويحلّفون أنهم لا يبيعون الخبث الذي يخرج لهم من الفضة لسباكي النحاس؛ لأنهم إذا خلطوه بالنحاس عند سبكه صار النحاس مثل الزجاج، فينكسر إذا سقط من يد أ؛ د، وإن كان في هاون انخسف بسرعة.
وكذلك باعة الخواتيم وغشهم، ينبغي أن يعرف عليهم عريفاً، يحلفهم أن يصدقوا في أوزان أثمانها للزبون إذا اشترى منهم شيئاً، وأن لا يحرم ما اشتراه بالزيادة في إخبار المشترى، وكذلك يصدقون في أوزانها، وفضتها، فإنهم يعملونها باليسير من الفضة، ويحشونها بالرصاص، وبالزفت، ويكذبون عند بيعها، فإن اشتراها الناس منهم تهشمت بسرعة، وتقشرت فضتها، فيوجد مثل قشر البصل في رقته، ويشترط عليهم أن يصدقوا في نعت فصوصها، فإن أكثرها زجاج مصنوع، ومن مطبوخ دهان الزبادي.