ثم يوصى بعد ذلك أرباب دواب العمل أن يتقوا الله تعالى في ترفيهها في كل يوم وليلة بحاجتها إلى الراحة والسكون، وأن لا يخاف على العمالة الشرعية الجاري بها العادة، فإن في ذلك مثوبة، وبقاء للنعمة، وإذا حسنت لهم وفيهم، ومع ترك الخيانة.
* * *
الباب العشرون
في الفرانين وصبيانهم
ينبغي أن يكون للفران مطرحتان، واحدة للخبز، وأخرى للسمك، لا يطرح فيها خبزاً جملة كافية، ويلزم بتوريد سائر ما يخبزه للخبازين ولأهل البلد، ولا يقبل من ذلك الخباز إذا قال له: جر يدك ليخرج خبزه غير نضيج ائتمر. ويكون فرنه نظيفاً، لا يسود أسافل الخبز، ولا يقربه لشيء من الرماد، وأن لا يوقد بشيء من الأزبال التي تجمع من على الأكوام، ومتى فعل هذا أدب ولطخ منه وجهه وأشهر، ولا يغسل، ويجعل عوضها قصارياً جداداً فيها المآكل كل يوم، ويهراق في آخره.
ويجددوا حشيش مكانسهم من غير حصر المساجد، ويكون على مصطبته التي يلقى عليها أخباز الناس حصيراً مصونة من التراث والأوساخ، وإذا شووا سمكاً أو لحماً، وشموا رائحته، أخذ منه قطعة بحضور صاحبه، ويجعلها تحت يده لمن يأتي إليه ويطالبه بالرائحة من النساء الحوامل، وإذا خبز طبقاً، وكان عليه مئزر أو خرقة، سلمها لصاحب الطبق، وإن كان صاحبه غائباً، جعلها تحت يده إلى أن يحضر، فإن لم يفعل كذلك، وعدم لأحد شيء، لوزمه غرامته.
وكذلك أخباز الناس تعد بحضور أربابها، وإذا غاب صاحب طبق أعد على من يشهد له به من الحاضرين. وغلمانهم الذين ينقلون إليهم أخباز الناس، ويدخلون بها إلى بيوتهم، يكونون دون البلوغ، وإذا جاءهم صبي بالغ صرفوه لحال سبيله يحمل في السواحل، وإذا أتاهم من يطلب ناراً اعتبروه، فإن كان صغيراً يعلمون أنه لا يحسن تدبرها ولا يحملها، فلا يعطوه شيئاً، ويمنعونه من ذلك، ومتى فعلوا بخلاف ذلك واحترف طفل صغير أدبوا وشهروا، وكذلك المداخن التي لأفرانهم يرفعون بنيانها بالبرابخ وتعلّى، بحيث يخرج دخانها مرتفعاً عن دور مجاوريهم، ومنهم من يخبز بعد فراغه من أخباز الناس وغلق فرنه للمزارين، فينبغي للعريف مباشرتهم في مثل هذه الأوقات.