الحار، فيصير في قوام اللبن، والمغشوش يطفو مثل الزيت، ويصير كواكباً على وجه الماء.
وقد يخلطون دهن العراق بدهن الشام، أعني الورد والبنفسج، وهذا تدليس، وقد أعرضت عن أشياء كثيرة في هذا الباب لم أذكرها، ليخفى غشها مخافة من تعليمها، وإنما ذكرت ما قد اهر غشه بين الناس، ويتعاطاه كثير منهم، وقد أمسكت عن أشياء ليست بمشهورة قد ذكرها صاحب كتاب كيمياء العطر، كما أمسكن عن أشياء كثيرة قد ذكرها يعقوب بن إسحاق الكندي في رسالته المعروفة بكيمياء الطبايخ، فرحم الله من وقع في يده ذلك الكتاب فمزقه.
* * *
الباب التاسع والثلاثون
في الأشربة والمعاجين وما يضاف إلى ذلك
اعلم وفقك الله أنه لما كانت المعاجين، والأشربة، والأقراص، والسفوفات، والأدوية المركبة، إنما يقف على معرفتها، ويتيقن مصلحتها، من حضر عملها، وشاهد خلطها وعجنها، فيجب أن يكون ذلك قبل تركيبه بحضور من جعل عريفاً على مثلهم، حتى تزول الظِنة، وترتفع الشبهة، فإن لم يمكنه حضور جميع ذلك، عينت الحوائج، وحملها الشرابي إلى مجلس العريف في طبق، أو غيره ليشاهدها، ويعد عقاقيرها، وياقبلها بمن يعول عليه. أما شابور أو غيره، ويخلطها بعد المقابلة بيده، ويمضي بها صاحبها يركِّبها، ويتقي الله تعالى أن لا يركبها بعسل القصب، ولا بقطارة، فإنه ٨ م يركبون المعاجين بأشياء من عسل القصب، يأخذونه منه عشرة أرطال، يغلونه، ويقلعون نيمه حتى يصفو سواده، ويرش عليه مقدار ثلاث أوراق لبن حليب، حتى يصفو، وتطيب رائحته، ثم أنه يسحق له وزن درهمين اسفيداج العرايس، في أوقية خل خمر حاد، ويقلبها في القدر وهي تغلي، ثم يصلح منه ما شاء من الأشربة والمعاجين.
فينبغي أن يراعى ذلك منهم، ويستحلفون أن لا يفعلوه، ولا يأمروا واحداً يفعله لهم، وهو لابد له ما يرجع في الأشربة إلى السواد، ويلت في المعاجين، وتظهر رائحة الخل فيه، ويعتبر أيضاً بأن يؤخذ منه قليل، ويحل بالماء في وسط الراحة، فإن المعسل يبيض