والحكام يشتمل على منافع ومضار، فأما منافعها: فتوسع المسام، وتستفرغ الفضلات، وتحلل الرياح، وتحبس الطبع عن السهولة، وتنظف الوسخ والعرق، وتذهب الحكة، والجرب، والإعياء، وترطب الدماغ، وتجود الهضم، وتنضج النزلات والزكام، وتنفع من حمى يوم، ومن حمى الدق. وأما مضارها عند طول القيام فيها، فإنها تسقط شهوة الطعام، وتضعف الباه، وأعظم مضارها صب الماء الحار على الأعضاء الضعيفة، وقد تستعمل في الريق والخلو، فتجفف تجفيفاً شديداً، وتهزل، وتضعف.
وقد تستعمل الحمام على قرب عهد بالشبع فتسمن البدن، إلا أنها تحدث سدداً، وأجود استعمال الحمام على الشبع بعد الهضم الأول، فإنه يرطب البدن ويسمنه، ويحسن بشرته، فينبغي للمحتسب أن يأمر ضامن الحمام بنظافتها، وكنسها، وغسلها بالماء الطاهر، غير ماء الغسالة، يفعلون ذلك كل يوم مرتين، ويدلكون البلاط بالأشياء الخشنة؛ لئلا يتعلق به السدر، والخطمى، والصابون، فتزلق عليها أرجل الناس، ويغسلون الخزانة من الأوساخ المجتمعة في مجاريها، والعكر الراكد في أسفلها كل شهر مرة؛ لأنها إن تركت أكثر من ذلك، تغير الماء فيها في الطعم والرائحة.
ولا يسد الأنابيب بشعر المشاطة، بل يسدها بالليف والخرق الطاهرة. ويستحلفون بأن لا يخلوا في الأحواض ماء، ويخولها كل ليلة. وإذا استعملت مياه الأحواض، ولم ينضحوها، ولا يغسلوها، وأصبحوا ليسيبوا عليها الماء، وأراد المحتسب معرفة ذلك، جعل ماء الحوض وماء الميزاب في إنائين متساويين في السعة والوزن ويزنهما، فإن رجح ماء الحوض على ماء الميزاب فهو لابد، وقد يدركه أيضاً بشمه.
ويبخر الحمام بالفحم واللبان في كل يوم مرتين، لا سيما إذا شرع في كنسها وغسلها، ومتى بردت الحمام، فينبغي أن يبخرها بالخزامى، فإنه يحمي هواءها، ويطيب رائحتها، وفي أيام الشتاء يزيد في بخورها الميعة اليابسة. ويجب عليه تقديم استعماله سحراً، لما يحتاج إليه ما يتطهر قبل الصلاة. وتسد المنافس التي يدخل منها الدخان الذي يسمى الزنبور، فإن ذلك مضرة لعيون الناس ورءوسهم، ويأمر ضامن الحمام أيضاً بأن يجعل عنده ميازر يكريها أو يعيرها لمن يحتاج، فإن الغرباء والفقراء قد