في النقرس، والدوالي، وداء الفيل، ومنها عرق الصافن، وهو في الجانب الأيسر، وهو أظهر من عرق النسا، وفصده ينفع من البواسير، ويدر الطمث، وينفع الأعضاء التي تحت الكبد، ومنها عرق باطن الركبة، وهو مثل الصافن في النفع، ومنها العرق الذي خلف العرقوب، كأنه شعبة من [الصافن. وأما] المفصود من الشرايين في الغالب، ويجوز فصدها، فهي الصغار والبعيدة من القلب، فإن هذه هي التي يرقأ دمها إذا فصدت، وأما الشرايين الكبار القريبة الوضع من القلب، فإنه لا يرقأ دمها إذا فصدت، والتي يجوز فصدها على الأكثر، شريان الصدغين، والشريانان اللذان بين الإبهام والسبابة، وقد أمر جالينوس بفصدها في المنام، رآها رؤيا.
والحجامة عظيمة المنفعة، وهي أقل خطراً من الفصادة، وينبغي أن يكون الحجام خفيفاً، رشيقاً، خبيراً بعملها، فيخف يده في الشروط ويستعجل، ثم يعلق المحجمة، وتكون التعليقة الأولى خفيفة سريعة القلع، ثم يتدرج إلى القلع بإبطاء وإمهال، ثم ينبغي للمحتسب أن يمتحن الحجام بورقة يلصقها على طوبة، ثم يأمره بشرطها، فإن نفذ الشرط كان ثقيل اليد سيء الصنعة، وعلامة حذاقة الحجام خفة يده، وأن لا يوجع المحجوم، وقد ذكرت الحكماء أن الحجامة تكره أول الشهر مخافة أن تكون الدماء هاجت، وفي آخر الشهر مخافة أن يكون قد نقص الدم، فلا تفيد الحجامة شيئاً، وإنما تستحب الحجامة في وسط الشهر إذا تكامل النور في جرم القمر؛ لأن الأخلاط تكون هائجة، والأدمعة تكون زائدة في الأجفان، وأفضل أوقات الحجامة الساعة الثانية والثالثة من النهار.
وأما منافع الحجامة، على الفقر، أي فقر الظهر، خليفة فصد الأكحل، وتنفع من ثقل الحاجبين، وجرب العينين، والبخر في الفم، غير أنها تورث النسيان، كما قال صلى الله عليه وسلم:"إن مؤخر الدماغ موضع الحفظ، وتضعفه الحجامة". والحجامة على الأكحل خليفة فصد الباسليق، وتنفع من وجع المنكب والحلق، غير أنها تضعف فم المعدة، والحجامة في الأخدعين خليفة فصد القيفال، وتنفع الوجه، والأسنان، والضرس، والعينين، والأذنين، والأنف، والحلق، ورعشة الرأس، والحجامة تحت الذقن تنفع الوجه، والأسنان، والحلقوم، وتنقى الرأس، والحجامة على الهامة تنفع اختلاط العقل، غير أنها تضر الذهن،