المرض والألم، وإنما يستدل على عللها بالجسّ والنظر، فيتقر البيطار إلى حس وبصيرة بعلل الدواب وعلاجها، فلا يتعاطى البيطرة إلا من له دين يصده عن الدواب بفصد، أو قطع، أو كي، وما أشبه ذلك بغير خبرة، فيؤدي إلى هلاك البهيمة وعطبها.
وينبغي للبيطار أن ينظر إلى رسغ الدابة، ويعتبر حافرها قبل تقليمه، فإن كان أحنفاً، أو مائلاً، نسف من الجانب الآخر قدراً يحصل به الاعتدال، وإن كانت يد الدابة قائمة، جعل المسامير المؤخرة صغاراً والمقدمة كباراً، وإن كانت يدها بالضد من ذلك صغر المقدمة وكبر المؤخرة. ولا يبالغ في نسف الحافر فتغمز الدابة، ولا يرخي مسامير النعل فيتحرك، ويدخل تحته الرمل والحصى فترهص الدابة، ولا يشدها بقوة على الحافر فتزمن.
واعلم أن النعال المطرقة ألزم للحافر، واللينة أثبت للمسامير الصلبة، والمسامير الرقيقة خير من الغليظة، وإذا احتاجت الدابة إلى تربيع أو إلى فتح عرق، أخذ المبضع بين إصبعيه، وجعل نصابه في راحته، وأخرج من رأسه مقدار نصف ظفر، ثم فتح العرق تعليقاً إلى فوق بخفة ورفق، ولا يضرب العرق حتى يجسه بإصبعه، لا سيما عروق الأوداج، فإنها خطرة لمجاورتها المرئ، فإن أراد أن يفتح شيء من عروق الأوداج، خنق الدابة خنقاً شديداً، حتى تبدو عروق الأوداج، فيتمكن حينئذ مما أراد.
وينبغي أن يكون البيطار خبيراً بعلل الدواب، ومعرفة ما يحدث فيها من العيوب، فإن الناس ترجع إليه إذا اختلفوا في الدابة، وقد ذكر بعض الحكماء في كتاب البيطرة في علل الدواب ثلاثمائة وعشرون علة، فمنها: الحناق، والخنان الرطب، والخنان اليابس، والجنون، وفساد الدماغ، والصداع، والحمر، والنفخة، والورم، والمرة الهائجة، والدبيبة، والخشام، ووجع الكبد، والقلب، والدواد في البطن، والمغل، والقوالنج،